الدولة الصليحية
بنو صليح هي سلالة إسماعيلية المذهب حكمت اليمن وتدين بالولاء للفاطميين، ومؤسسها علي بن محمد الصليحي وذلك في عام (429 هـ) وينسب إلى قبيلة الأصلوح التي تعد حياً من الأحجور من حاشد في مدينة مسار عام (429 هـ - 1037 م) ثم استولى على مدينة زبيد بعد أن قتل أميرها نجاح بالسم عام (454 هـ - 1062) ومكة بنفس العام ولم يدم احتلاله لها سوى أشهر، ثم استولى على صنعاء عام (455 هـ - 1063 م) ثم استطاع أن يوحد اليمن أجمع في ظل رايته حتى عدن وانتقل إلى صنعاء وجعلها عاصمة له.
وقد بلغت الإسماعيلية أوجها في حكم الدولة الصليحية ، والصليحيون من همدان ولا يزالون في منطقة حراز إلى اليوم وكانوا على ارتباط وثيق بالدولة الفاطمية في مصر ، واستمر حكمهم بداية بعلي الصليحي عام 453 هجرية حتى عام 569 هجرية، ولكنهم لم يسيطروا على اليمن كاملاً حالها ك حال كل الدويلات التي قامت بعد الإسلام في اليمن فكل قبيلة أو حلف كان يطمع بالسلطنة،
وقد ادى الاختلاف المذهبي إلى تحالف القبائل على أسس مذهبية وإيجاد أنساب مشتركة لهم، فكل شيعي عد من همدان وكل سني عد حِمْيَريَّاً وهو على غير دقته إلا أنه دلالة على طبيعة التحالفات في البيئة القبلية في اليمن، فهناك قبائل همدانية مذكورة في نصوص المسند القديمة قبل الإسلام ولكنها لم تتشيع وتحالفت مع الحِمْيَريِّين فظهر في كتابات النسابة أنها قبائل حِمْيَريَّة وحدث نفس الشيء مع قبائل كندية ومذحجية تشيعت وعدت همدانية لاحقاً ويشكلون اليوم أجزاء كبيرة من إتحادي حاشد و بكيل ولكن الملاحظ أن مراكز القوى القبلية في اليمن لا زالت من تاريخها القديم الذي يسبق الإسلام تنتقل من همدان إلى حِمْيَر والعكس ، وقد ذكر المؤرخون أن من أبرز سمات اليمن عبر التاريخ الإسلامي كان غياب المملكة الواحدة ، و قد ظهرت الدولة الصليحية في جبلة بعد سقوط دولة بنو زياد ، والتي واجهت منافسة قوية من دولة بني نجاح والتي أسسها أعقاب سقوط دولة أسيادة بني زياد في زبيد ، وكان نجاح عبدا حبشيا في الدولة الزياديه، وأسست الدولة النجاحية على أساس المذهب السني وكانت موالية للخليفة العباس بينما كانت الدولة الصليحية في جبلة على المذهب الإسماعيلي و موالية للخليفة الفاطمي، ولما تكامل لعلي الصليحي ملك اليمن ولى على زبيد أسعد بن شهاب بن علي الصليحي وأسعد المذكور هو أخو زوجته أسماء بنت شهاب وابن عم علي المذكور ، وبقي علي الصليحي مالكاً لجميع اليمن حتى حج فقصده بنو نجاح وقتلوه بغتة بالهجوم عليه بضيعة يقال لها أم الدهيم وبيرام معبد في ذي القعدة سنة 473 هـ فلمـا قتل علي الصليحي استقرت التهائم لبني نجاح واستقر بصنعاء أحمد بن علي بن القاضي محمد الصليحي وكان يلقب أحمد بالملك المكرم، ثم جمع أحمد المكرم العرب وقصد سعيد بن نجاح بزبيد وجرى بينهما قتال شديد فانهزم سعيد بن نجاح إلى جهة دهلك وملك أحمد الصليحي زبيد في سنة 475 هـ، ثـم عـاد ابن نجاح وملك زبيد في سنة 479 هـ، ثم عاد أحمد المكرم وقتل سعيد في سنة 481 هـ. ثـم ملك جياش أخو سعيد وبقي أحمد المكرم على ملك صنعاء حتى مات في سنة 484 هـ، وتولى بعده ابن عمه أبو حمير سبأ بن أحمد بن المظفر بن علي الصليحي بنفس السنة، وبقي سباً متولياً حتى توفي في سنة 495 هـ وهـو آخر الملوك الصليحيين ، ثم بعد موت سبأ أرسل من مصر علي بن إبراهيم بن نجيب الدولة فوصل إلى جبال اليمن في سنة 513 هـ، وقام بأمر الدعوة والمملكة التي كانت بيد سبأ وبقي ابن نجيب الدولة حتى أرسل الآمر الفاطمي خليفة مصر وقبض على ابن نجيب الدولة بعد سنة 520 هـ، وانتقل الملك والدعوة إلى آل الزريع بن العباس بن المكرم، وآل الزريع هم أهل عدن وهم من همذان بن جشم وهؤلاء بنو للمكرم يعرفون بآل الذيب وكانت عدن لزريع بن العباس بن المكرم ولعمه مسعود بن المكرم فقتلا على زبيد مع الملك المفضل فولى بعدهما ولداهما وهما أبو السعود بن زريع وأبو الغارات ابن مسعود وبقيا حتى ماتا وولى بعدهما محمد بن أبي الغارات ثم ولى بعده ابنه على بن محمد بن أبي الغارات، ثـم استولـى علـى الملـك والدعوة سبأ بن أبي السعود بن زريع وبقي حتى توفي في سنة 533 هـ، ثم تولى ولده الأعز علي بن سبأ وكان مقام علي بالدملوة فمات بالسل وملك بعده أخوه المعظـم محمد بن سبأ ثم ملك بعده ابنه عمران بن محمد بن سبأ وكانت وفاة محمد بن سبأ في سنة 548 هـ، ووفاة عمران بن محمد بن سبأ في شعبان سنة 560 هـ، وخلف عمران ولدين طفلين هما محمد وأبو السعود ابنا عمران.
وممن ولي الأمر مـن الصليحيين زوجة أحمد المكرم وهي الملكة ولقبها الحرة واسمها
أروى بنت أحمد بن جعفر بن موسى الصليحي.
- ولادتهـا :-
ولدت في مدينة جبلة وأمها رداح بنت الفارع بن موسى الصليحي زوجة المكرّم أحمد بن علي الصليحي ملك اليمن. ونشأت في رعاية أسماء بنت شهاب زوجة علي بن محمد الصليحي مؤسس الدولة الصليحية، بعد وفاة والدها أحمد الصليحي وزواج والدتها من عامر بن سليمان الزواحي.
- صفاتهـا:-
كانت بيضاء مشربة بحمرة، مديدة القامة تميل إلى السمنة جهورية الصوت.
- زواجهــا :-
تزوجها ابن أسماء المكرّم أحمد بن علي سنة 458 هـ في حياة أبيه، وتولى الحكم من بعده (459 - 481 هـ) فأنجبت منه أربعة من الأولاد هم علي ومحمد وفاطمة وأم همدان وقد توفى علي ومحمد وهما طفلين سنة 467 هـ. أما أم همدان فقد تزوجت من أحمد بن سليمان بن عامر الزواحي ورزقت منه بعبد المستعلي وتوفيت قبل أمها سنة 516 هـ. وأما فاطمة فتزوجها شمس المعالي بن الراعي بن سبأ وتوفيت بعد والدتها بسنتين وذلك سنة 534 هـ.
- حكـمهـا :-
فوّض المكرم الأمور إِلى زوجته أروى، فكان أول ما قامت به، بعد أن غادرت صنعاء، أن اتخذت مقرها في قصر شيده زوجها في حصن في مدينة جبلة، ونقل إِليه ذخائره وقامت بتدبير المملكة ،
وبسطت سلطانها على القبائل اليمانية، فخضع الناس لها، وكانت الرسائل التي يبعث بها المستنصر بالله الفاطمي إِلى اليمن تصدر باسمها.
وبعد وفاة زوجها المكرّم سنة 481هـ، اختلف الصليحيون والزواحيون فيمن يتولى الحكم، وكان زوجها قد أوصى أن تسند أمور الدعوة إِلى الأمير المنصور سبأ بن أحمد بن المظفر الصليحي الذي طمح إِلى الزواج منها، فلم ترضَ أروى بهذا الاختيار، واحتكم سبأ إِلى المستنصر بالله الفاطمي الذي أمر أروى أن تقبل بسبأ زوجاً، وإن ظل هذا الزواج صورياً، وظلّت أروى تمسك بمقاليد الحكم الفعلية، وتُرفع إِليها الرقاع، ويجتمع عندها الوزراء، ويدعى لها على منابر اليمن، فيخطب أولاً للخليفة الفاطمي ثم لسبأ ابن أحمد ثم للسيدة الحرّة أروى، ولم تلبث أن استقلت بأمر الحكم بعد وفاة زوجها الثاني سبأ سنة 492هـ، واعتمدت في تدبير أمور الملك على عدد من الثقات، منهم: المفضّل بن أبي البركات، وزريع بن أبي الفضل، وعليّ بن إِبراهيم بن نجيب الدولة وغيرهم، وامتدت أيام حكمها بعد ذلك أربعين سنة، استطاعت في أثنائها أن تمارس سيادتها على الإِمارات اليمنية الصغيرة من دون إِخضاعها.
- خلافها مع ابن نجيب الدولة:-
لما قدم ابن نجيب الدولة إِلى اليمن موفداً من الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله سنة 513هـ وداعيا له، فأخضع الإِمارات المتمردة، عزّ جانب الحرّة وانقمع أهل اليمن، إِلا أنه بدأ منذ سنة 519هـ يسيء إِليها ويستخفّ بأمرها ويدّعي أنها قد خرفت واستحقت أن يحجر عليها، وحاول أن ينتزع الحكم منها، ولكنّ أمراء البلاد وشيوخها ساندوها واتهموا ابن نجيب الدولة بالتآمر على الخلافة الفاطمية، فأمر الخليفة بالقبض عليه وإِعادته إِلى مصر، ولكن السفينة التي كانت تقلّه غرقت في أثناء الرحلة، وأسندت الحرّة أمر الدعوة إِلى سبأ بن أبي السعود من آل زريع (وهو أول بني زريع الذين خلفوا الصليحين). وقد عملت أروى إِبّان حكمها على تشجيع البناء والعمارة وأولت إِنشاء المدارس والمستشفيات والمساجد اهتمامها الزائد، ولم يقف نفوذها عند حدود اليمن، فقد عهد إِليها الخليفة المستنصر بالله ومن بعده الآمر بأحكام الله بالإِشراف على الدعوة الفاطمية في عُمان والهند.
- وفاتـهــا:-
عمرت أروى طويلاً، فلمّا ماتت دفنت في مسجد كانت بنته بذي جبلة، وقبرها ما يزال حتى اليوم مزاراً. وعلى إِثر وفاتها دبّ الضعف في جسد الدولة الصليحية وتفككت أوصالها وصار الأمر فيها إِلى الأمراء من آل زريع، وانتهى أمر الصليحين تماماً بعد أن غزا توران شاه بن أيوب اليمن سنة 569 هـ.
![]() |
قبر السيدة أروى بنت أحمد الصليحي في المسجد الذي دفنت فيه |
![]() |
مسجد السيدة أروى بنت أحمد الصليحي الذي دفنت فيه |
- قائمة حكام بنو صليح :-
أبو الحسن علي بن محمد الصليحي (429 - 473 هـ) الموافق (1037 - 1080 م).
أحمد المكرم بن علي (473 - 484 هـ) الموافق (1080 - 1091 م).
أبو حمير سبأ المنصور بن أحمد بن المظفر (484 - 495 هـ) الموافق (1091 - 1098 م)
أروى بنت أحمد الصليحي (495 - 532 هـ).
|
تعليقات
إرسال تعليق