مملكة معين

مملكة معين


مملكة معين أو معن هي أقدم الممالك العربية القديمة في اليمن وشبة الجزيرة العربية، كان المعينيين أبناء عمومة السبئيون والحضارمة إلا أن النسابين العرب لم يذكروا هذه الشعب أو المملكة ولا أحد من ملوكها ولا اسم معين وصلتهم مع سبأ بل طوى كل ذلك النسيان إلى أن كشفت عن هذه المملكة العريقة الآثار المكتشفة في القرن العشرين الميلادي، عموماً فقد ظهرت مملكة معين في القرن الثلاثين قبل الميلاد أو القرن العشرين قبل الميلاد رغم إن ازدهارها كان في حدود القرن الخامس عشر قبل الميلاد إلى القرن الثالث قبل الميلاد.

وليس بين الباحثين في تأريخ المعينين اتفاق على تأريخ مبدأ هذه الدولة ولا منتهاه، فالعالم "كلاسر" مثلاً يرى إن الأبجدية التي استعملها المعينيون في كتاباتهم ترجع إلى الألفية الثانية قبل الميلاد وهذا يعني إن تأريخ هذا الشعب يرجع إلى ما قبل هذا العهد.

وبعض قبائل مملكة معين المذكورة بالنقوش هي معن وذو غيلان وبني نشق هي قبائل من بكيل وهمدان لا تزال باقية حتى اليوم، اما بني معين هم قبيلة من خولان.

نظام الحكم: 

كانت حكومة معين حكومة ملكية يرأسها حاكم يلقب بلقب "ملك"، غير إن هذه الحكومة وكذلك الحكومات الملكية الأخرى في العربية الجنوبية، جوزت إن يشترك شخص أو شخصان أو ثلاثة مع الملك في حمل لقب "ملك"، إذا كان حامل ذلك اللقب من أقرباء الملك الأدنين، كأن يكون ابنه أو شقيقه، فقد وصلت جملة كتابات لقب فيها أبناء الملك أو أشقاؤه بلقب ملك، وذكروا مع الملك في النصوص، ولكننا لم نعثر على كتابات لقب فيها أحد بهذا اللقب، وهو بعيد عن الملك، أي ليس من أقربائه، وربما كانت هذه المشاركة في اللقب، في ظروف خاصة وفي حالات استثنائية، وليس من الواضح في الكتابات العربية الجنوبية أكانت مجرد مجاملة وحمل لقب، والدوافع التي حملت أولئك الملوك على السماح لأولئك الأشخاص بمشاركتهم في حمل اللقب، ويظهر من الكتابات المعينية أيضاً إن الحكم في معين، لم يكن حكماً ملكياً تعسفياً، السلطة الفعلية مركزة في أيدي الملوك، بل كان الحكم فيها معتدلاً استشارياً يستشير الملوك أقربائهم ورجال الدين وسادات القبائل ورؤساء المدن، ثم يبرمون أمرهم، ويصدرون أحكامهم على شكل أوامر ومراسيم تفتتح بأسماء أصنام معين، ثم يذكر اسم الملك، وتعلن الكتابة ليطلع عليها الناس، وكان لكل مدينة حكومتها الخاصة بها، فكل مدينة في معين عبارة عن حكومة صغيرة لها أصنام خاصة تتسمى باسمها، وهيئات دينية، ومجتمع يقال له: "عم"، بمعنى أمة وقوم وجماعة.

ولكل مدينة مجلس استشاري يدير شؤونها في السلم وفي الحرب، وهو الذي يفصل فيما يقع بين الناس من خصومات وينظر في شؤون الجماعة "عم". 

وكان رؤساء القبائل يبنون دوراً، يتخذونها مجالس، يجتمعون فيها لتمضية الوقت وللبت في الأمور وللفصل بين أتباعهم في خلافاتهم، ويسجلون أيام تأسيسها وبنائها، كما يسجلون الترميمات والتحسينات التي يدخلونها على البناية، وتعرف هذه الدور عندهم بلفظة "مزود" ولكل مدينة "مزود"، وقد يكون لها جملة "مزاود". اختلف تقديرات المستشرقين في تعيين البداية السياسية لدولة معين ما بين:
- القرن 13 قبل الميلاد إلى القرن 1 ق.م.

- القرن 6 قبل الميلاد إلى 150 ق.م.

- القرن 15 قبل الميلاد إلى القرن 1 ق.م.

وأكثر التقديرات احتمالاً هو القرن 10 قبل الميلاد حيث بدأت الحياة السياسية بعد انتهاء شخصية "كرب ايل وتر" السبأي وقد تعاقب على حكم معين 5 أسر حاكمة لم تحفظ النصوص الباقية من الحكام الأوائل منهم ويبدو أن سلطتهم بدات بالصبغة الدينية فتلقب كل منهم بلقب (مزود) وربما يعني من يزود المعابد بقرابينها وقد بقي هذا اللقب ضمن القاب الحكام حتى مرحلة متأخرة واستمرت معين سياسياً حتى دب الوهن في نظامها الحاكم واشتد بأس جيرانها وبدأت قتبان فاقتطعت جانباً من أرضها وأجبر حاكمها القتباني "شهر يجل/ يهرجب" على عقد تحالف مع معين احتفظ لنفسه فيه بالمكانة العليا لا سيما في عهد الملكين المعينيين "وقه ايل يثع"و "ايل يفع يشور" الثاني، وحاولت قتبان استخدام معين في الضغط على سبأ من ناحية الشمال ولكن هذا أثار سبأ على معين فاستغلت انشغال قتبان في مشاكلها الداخلية مع قبائل حمير فانفردت بمعين ودمرت عاصمتها قرناو واستولت على أجزاء واسعة من أراضيها قبل الربع الثالث من القرن الأول قبل الميلاد بحيث لم يذكرها المؤرخ سترابون عام 24 ق.م. حينما صاحب حملة القائد الروماني أيليوس غالوس ضد الدول العربية الجنوبية ولكن الانكماش السياسي لم يؤد إلى وقف نشاط المعينيين في مجالات التجارة فظلوا يقومون بدورهم تحت طاعة دولة سبأ.

كتابات :


ليس هنالك اتفاق بين الباحثين في النصوص المعينية واليمنية القديمة بشكل عام، حول التواريخ وتسلسل الأحداث المعينية والملوك وعددهم، وفيما يلي عرض لأهم الأراء.

جعل "هومل" من أسماء ملوك معينة التي عرفها ثلاث طبقات، كل طبقة تتألف من أربعة ملوك، وطبقة أخرى تتألف من ملكين. ورتب "كليمان هوار"، هؤلاء الملوك سبع طبقات، الطبقة الأولى، تتألف من أربعة ملوك، والطبقة الثانية من خمسة، والطبقة الثالثة من أربعة، والرابعة من اثنين، والخامسة من ثلاثة، وأما الطبقتان السادسة والسابعة فتتألف كل واحدة منها من ملكين. ويبلغ مجموع ملوك هذه الطبقات السبع اثنين وعشرين ملكاً. وينقصن هذا العدد أربعة ملوك عن قائمة "مولر" الذي حقق هوية ستة وعشرين ملكاً. 

وقد رتب "أوتوويبر" و"موردتمن" أولئك الملوك في طبقات أيضاً أما "فلبي"، فقد ذكر اثنين وعشرين ملكاً، نظمهم خمس سلالات، وجعل على رأس السلالة الأولى "اليفع وقه"، وفي آخر السلالة الخامسة الملك "تبع كرب" الذي حكم على رأيه من سنة 650 إلى سنة 630 ق. م.

وعند "هومل" إن السلالة التي في أولها الملك "اليفع وقه"، هي أقدم اسر ملوك معين. وأما "مورد تمن"، فيقدم الأسرة التي جعل على رأسها الملك "يثع ايل صديق". وشد فعل ذلك "كليمان هوار" أيضاً أما "ونست"، فيرى إن الأسرة التي فيها "أب يدع يثع" هي أقسم عهداً من الأسرتين. 

والخلاصة إن هذه الأسر أو السلالات لا تعني إنها كل الأسر التي حكمت "معيناً" أو إن الأسرة الأولى منها هي أول أسرة حكمت ذلك الشعب فقد يكون هنالك عدد آخر من الأسر والملوك حكموا قبلها سنن كثيرة ربما بلغت قروناً.

ويرى "البرايت" إن ملوك حضرموت كانوا هم الذين أسسوا مملكة معين، أسسوها في حوالي السنة "400 ق. م." أو بعد ذلك بقيل، ويرى إن أول ملك من ملوكها كان الملك "اليفع يثع"، وكان ابناً للملك "صدق ايل" ملك حضرموت. ويرى من عدم وصول كتابات سبئية ما بين السنة "350" والسنة "100" قبل الميلاد، أي إن السبئين كانوا في خلال هذه المدة أتباعاً لحكومة معين.

فأول ملك من ملوك "معين" إذن على رأي "البرايت"، هو الملك "يثع" 0أما "هومل"، فجعل "وقه" أقدم ملك معيني وصل خبره إلينا، وقد جاراه في رأيه هذا "فلبي" وآخرون، وهناك من قدم ملكاً آخر على هذين الملكين ، كما ذكرت مسبقا،  وقد ورد  الملك"اليفع وقه" في كتابة عثر عليها في موضع "السوداء"، وهو مكان مدينة "نشن" "نشان" القديمة في الكتابات المعينة، ورد فيها: إن الملك "اليفع وقه" ملك معين، وشعب معن، قدما بأيديهم إلى معبد الصنم "عم" "راب" "رأب" من "ذي نيط" نذوراً وهه ايا وقرابين، تقرباً إليه، وقد تسلم ال "رشو"، أي "كاهن" المعبد والقيم عليه تلك الهدايا، وتقبلها باسم المعبد، ولم تذكر الداعية التي دعت الملك وشعبه إلى تقديم تلك النذور والقرابين إلى الصنم "عم" سيد "أب"، ولعلها كانت مذكورة في المواضع التي أصيبت بتلف في الكتابة.

و ورد اسم هذا الملك في كتابة أخرى عثر عليها في "براقش"، وهي مدينة "يثل" من مدن معين، دونت عند بناء بناية في عهده، فذكر هو وابنه "وقه آل صدق" "وقه ايل صديق" فيها، تيمناً باسمها وتثبيتاً لتأريخ البناء.

وعثر على اسم الملك "وقه آل صدق" "وقه ايل صديق" ابن الملك "اليفع وقه" في كتابة وجدت في "قرنو" "قرن" "القرن".

أما الذي حكم بعد "وقه ايل صدق" "وقه ايل صديق"، فهو ابنه الملك "اب كرب يشع" "أبكرب يشع"، وهو في نظر "البرايت" مثل والده و"اليفع وقه" من رجال المجموعة الثانية من مجموعات ملوك معين، وقد حكم على حسب رأيه في حوالي السنة "150" قبل الميلاد.

وجاء أيضا اسم الملك المعمر في السن يهودي الديانة وذكر انه كان قاسي في صفاته وشديد (حسحسة) وإلى الآن ما زال في احدى اودية شبوة اسم حسحسة الذي يعتقد العلماء انه مسقط رأس الملك اليهودي ودفنة هناك في وادي حسحسه، وجاء اسم الملك "ايكرب يثع" "اب كرب يثع" في كتابة عثر عليها في "العلا"، أي في "الديدان" وتعود لذلك إلى المعينيين الشماليين، وصاحبها رجل من "آل غريت" "غرية"، كتبها عند شرائه مُلكاً من شخص اسمه "اوس بن حيو" "اوس بن حي"، وتيمناً بذلك قدم نذوراً إلى الصنم "نكرح" واصنام معين، وجعل الملك في رعايتها وحمايتها لتقيه أعين الحسّاد كل من محاول الاعتداء عليه. ودعا اصنام معين إن تنزل نقمتها على كل من يحاول رفع تلك الكتابة، أو يتلفها، أو يلحق بها أذى، وقد تيمن باسم تلك الاصنام، وذكر بهذه المناسبة اسم الملك "ايكرب يثع"،وذكر بعده اسم "وقه آل صدق" "وقه ايل صديق"، وقد وجد فراغ بين الاسمين، بسبب تلف أصاب الكتابة رأى ناشر الكتابة إنه وأو العطف، فصيّر الجملة على هذا النحو: "ابكرب يثع ملك معن ووقه آل صدق"، "أبكرب يثع ملك معين ووقه ايل صديق"، وعندي إن هذا الفراغ يمثل حرفين، هما "بن"، أي "ابن" فتكون الجملة: "ابكرب يثع معن بن وقه آل صدق"، "أيكرب يثع ملك معن ابن وقه ايل" وبذلك ينسجم المعنى، إذ إن "وقه آل صدق"، هو والد "أيكرب يثع" فاذا ذكر اسم الأب بعد لفظة "ابن"، انسجم المعنى. أما إذا وضعنا حرف العطف "الواو"، بين الاسمين، نكون قد قدمنا اسم الابن على اسم الأب، وفي ذلك نوع من سوء الأدب، أو دلالة على إن الابن هو الملك الحقيقي، وان والده لم يكن شيئاً يومئذ، أو كان ملكاً بالاسم فقط. على إنه حتى في هذه الأحوال والاحتمالات، لا يوضع اسم الأب بعد اسم الابن.

وقد أرخت الكتابة بأيام تولي "اوس" من "آل شعب" منصب "كبير" تلك المنطقة التي كان يقيم فيها صاحب تلك الكتابة.

وعثر على كتابة في مدينة "يثل" "براقش"، وجاء فيها اسم ملك يدعى "عم يثع نبط" "عميثع نبط" "عمى يثع نبط". وهو ابن الملك "ابكرب يثع" المذكور.

وقد ورد اسم الملك: "عم يثع نبط بن ابكرب" "عميثع نبط بن أبكرب" في كتابة دونت لمناسبة حبس أرض الاصنام معين، لتكون وقفاً على معبد الصنم "عثتر شرقن"، أي "عثتر الشارق" بمدينة "يثل".

أما "البرايت"، فقد وضع اسم "عم يثع نبط" في المجموعة الأولى من مجموعاته الثلاث التي كونها لملوك معين. وقد جعل حكمه في حوالي السنة "300 ق. م."، وذكر إنه رجل اسمه "اب كرب" "أيكرب". وقد أشار إلى إن "اب كرب" هذا هو غير "اب كرب يثع" الذي هو ابن الملك "وقه ايل صدق"، الذي كان "حكمه - على رأيه - في أواخر القرن الثاني لما قبل الميلاد.

ويرى "فلبي" وجود فترة قدّرها بنحو عشرين سنة، لا يدري من حكم فيها بعد "عم يثع نبط"، وقد كانت في حوالي السنة "1040 ق. م."، وقد انتهت في حوالي السنة "1020 ق. م." بتولي الملك "صدق ايل" عرش معين. وهو ملك من ملوك حضرموت. فيكون بذلك قد جمع في شخصه بين عرش حضرموت وعرش معين، ثم انتقل العرش إلى "اليفع يثع"، وهو ابنه، وقد حكم - على رأي "فلبي" - في حوالي السنة "1000 ق. م.". وكان له شقيق اسمه "شهر علن" "شهر علان"، انفرد بحكم حضرموت. وبذلك انفصل عرش حضرموت عن عرش معين.

وبين تقدير "فلبي" هذا لحكم "صدق ايل" ولحكم ابنه "اليفع يثع" وتقدير "البرايت" الذي جعل حكم "صدق ايل" في حوالي السنة "400 ق. م." فرق كبير. كذلك نجد بين ترتيب "فلي" وترتيب "البرايت" للملوك فرقاً كبيراً. ف "اليفع يثع" وهو ابن "صدق ايل" هو أول ملك ملك عرش معين على رأي "البرايت"، على حين أخره "فلبي" على نحو ما رأيت، إلا انهما يتفقان في إن "صدق ايل" والد "اليفع يثع" كان ملكاً على حضرموت. ثم يعودان فيختلفان أيضاً، ذلك إن "فلبي" جعله ملكاً على حضرموت ومعين، أما "البرايت" فلم يدخلل اسمه في قائمته لملوك حضرموت.

وحكم بعد "اليفع يثع" ابنه "حفن ذرح" وكان حكمه في حوالي السنة "980 ق. م." على تقدير "فلبي". وكان له شقيق اسمه "معدكرب" "معد يكرب"، ولي عرش حضرموت، ولم يذكر "البرايت" اسم هذا الملك في قائمته لملوك معين.

وقد ذكر "فلبي" إنه كان لي "حفن ذرح" شقيق، اسمه "معد كرب" "معد يكرب"، ولي عرش حضرموت.

أما الذي ولي عرش "معين" بعد "حفن ذرح"، فهو "اليفع ريم" "اليفع ريام". وقد حكم في حوالي السنة "965 ق. م." على تقدير "فلبي" وهو ابن "اليفع يثع". وقد حكم حضرموت أيضاً، وذلك لأن ولد "معد يكرب" لم يحكموا عرش حضرموت.

ثم انتقل حكم معين إلى "هوف عث" "هوفعشت" "هو عشت" من بعد "اليفع ربام"، وهو ابنه. وقد ولى الحكم سنة "950 ق. م." - على رأي "فلبي" - ودون ذلك بمئات من السنين على رأي "البرايت".

وانتقل العرش إلى "أب يدع يشع" "أبيدع يشع" بعد "عوف عثت" وقد كان حكمه في حوالي السنة "935" قبل الميلاد أما "البرايت" فيرى إن زمان حكمه كان في حوالي السنة "343" قبل الميلاد. وهو ابن "اليفع ريمام".

وجاء في الكتابة المرقمة برقم: Glaser 1150 و Halevy 192 وهي كتابة تتألف من جملة أسطر ومصدرها مدينة معين، اسم الملك "اب يدع يثع" ورد لمناسبة قيام جماعة من أشراف مدينة "قرنو" "قرن" "القرن" بإصلاح خنادق هذه المدينة وترميم أسوارها وإنشاء محلة جديدة فيها. وصاحب هذه الكتابة والآمر بتدوينها، هو "علمن بن عم كرب" من أسرة "ذي حذار" "ذي حذأر"، أي "آل حذار" ورئيس "كبأن" "جبأن" وصديق ومكتسب عطف ومودة "موددت" ملك معين "اب يدع يثع"، ووالد عدد من الأولاد ساعدوه في هذا العمل، هم "ياوس آل" "ياوس ايل" "يأوس ايل"، و"يذكر آل" "يذكر ايل"، و"سعد آل" "سعد ايل" و"هب آل" "وهب ايل"، و"يسمع ايل" "يسمع آل". وقد قاموا بهذا العمل تقرباً إلى اصنام معين: "عثتر ذ قبضم" "عثتر ذو قبض". و"ودّ" و"نكرح" وإلى ملك معين. وقد جرى العمل في ربع "ربعن" المدينة، المسمى "رمشو" "رمش"، وقد امتد إلى موضع "شلوث". وبعد الانتهاء من هذا العمل ذبحت القرابين على عادتهم للصنم "عثتر" "رب" "قبض" "عثتر ذ قبضم" و"ود". وذكرت الكتابة تفاصيل الأعمال التي تمت ومواضعها ومقدارها وغير ذلك مما يذكر عادة في وثائق البناء.

وهناك كتابة أخرى عثر عليها في "قرنو"، وهي الكتابة التي أشير إليها بعلامة Halevy 193، ورد فيها اسم الملك "اب يدع يبع"، وهي من الكتابات المهمة التي تشير إلى الصلات السياسية التي كانت في هذا العهد بين مملكة معين ومملكة حضرموت. وقد جاء فيها إن "معد يكرب" ملك حضرموت وقف حصن "خرف" للصنم "عثتر ذ قبضم"، وقد بنى ذلك الحصن "شهر علن بن صدق آل" ملك "حضرموت" ونذره للصنم "عثتر ذ قبضم" و"عثتر شرقن" و"ود" و"نكرح"، وقدمه إلى ابن أخيه "اب يدع يثع" ملك)معين(، وشعب معين.

وورد اسم الملك "معد يكرب بن اليفع يثع" في الكتابة الموسومة ب: Halevy، وهي من الكتابات التي عثر عليها في خرائب مدينة "يثل"، وتتحدث عن إنشاء بناء في مدينة "وكل"، كما ورد اسم الملك "اب يدع يثع" واسم "معد يكرب بن اليفع" في كتابة أخرى عثر عليها في "يثل" أيضاً. وورد اسم "اب يدع يثع" في ثلاث كتابات أخرى. وورد في اثنين منها اسم ابنه "وقه آل ريم" "وقه ايل ريام" معه.

وتشير هذه الكتابات إلى إن "معد يكرب بن اليفع يثع"، أي ابن أخي "أب يثع بن اليفع ريام" كان معاصراً ل "اب يدع" وان الصلات بين ابني الشقيقين كانت وثيقة وحسنة. وهي كتابات تفيد المؤرخ بالطبع كثيراً في محاولاته لوضع قائمة بأسماء ملوك حضرموت وملوك معين، إذ إنها جعلتنا نتفق في إن حكمي الملكين كانا في زمن واحد تقريباً، ومكّنتنا.ذلك من تثبيت أسماء بقية أسرتيها على هذا الأساس بحيث لا يبقى هنا موضع للجدل في موضع ترتيب أسماء رجال هذه الأسرة الحاكمة في حضرموت وفي معين.

ومن الكتابات المعينية المهمة، كتابة رقمت برقم Glaser 1115=Halevy 535، Halevy 578، ترجع أيامها إلى أيام الملك "اب يدع يثع". وهي تتحدث عن حرب وقعت بين "ذيمنت" و"ذ شامت"، أي بين الجنوب والشمال، ولا يعرف مقصود الكتابة من الجنوب ومن الشمال على وجه أكيد. وقد ذهب "ونكلر" إلى إن المراد ب "الجنوب" حكومة معين، وان المقصود من الشمال حكومة عربية، هي حكومة "أريبى" التي كان يمتد سلطانها على زعمه، إذ ذاك إلى أرض دمشق. وقد دونت هذه الكتابة لمناسبة نجاة قافلة كبيرة ضخمة من غزو تعرضت له بين موضع "معن" أي "معين" على قراءة، أو موضع "ماون" "ماوان" على قراءة أخرى: وبين موضع "ركمت" "ركمات". وإذا صح إن الموضع الأول المذكور هنا هو "معن"، فبكون الهجوم على القافلة المذكورة قد و.قع ف!ما بين "مص ين" العاصمة وموضع "رممت". وإذا كان الموضع "مون" أو "ماوان"، يكون الهجوم قد وقع عليها في المنطقة التي بين "مون" "ماوان" و"ركمت".

ولا نعلم من أمر "مون" "ماوان" شيئاً على وجه التأكيد، وقد ذكر ياقوت الحموي اسم موضع دعاه "ماوان"، قال عنه: "واد فيه ماء بين النقرة والزبدة، فغلب عليه الماء، فسمي بذالك الماء ماوان.

وقد أمر بتدوين هذه الكتابة "عم صدق" ابن "حم عثت"، "ذو يفعن" و"سعد بن ولك" "ذو ضفكن"، وكانا "كبر" كبيرين على "مصر" وعلى "معن مصون" "معين مصران". وقد أمر بتدوينها، شكراً اصنام معين: "عثتر ذو قبض" و"ود" و"نكرح"، لأنها نجت القافلة وأنقذتها من الوقوع في أيدي الغزاة، كما قاما بتزيين معبد "تنعم"، وذلك في عهد ملك "معين" "أب يدع يثع". وقد ورد في الكتابة ذكر حرب وقعت بين "مذى" و"مصر" في وسط "مصر". وقد!شكر الاصنام على إن سلمت أموال المعينيين في هذه المنطقة أيضاً، وحفظت أرواح رجال القافلة وشملتها برحمتها وحمايتها إلى إن أبلغتها حدود مدينتهم "قرنو"، شكراً وتسبيحاً بحمد "عثتر شرقن" "عثتر الشارق" و"عثتر ذو قبض" و"ود" و"نكرح" و"عثتر ذي يهرق" "وذات نشق" كل اصنام معين، و"يثل"، وملك معين "أب يدع يثع" وبابني "معد يكرب بن اليفع"، وشعبي معين ويثل.

ولم يرد في الكتابة ذكر الجهة التي كانت تقصدها هذه القافلة، أكانت متجهة من معين نحو الشمال، أي من اليمن نحو بلاد الشام، أم كان اتجاهها على العكس من "معين مصران" نحو الجنوب قاصدة اليمن، ولكن القرائن تدل إنها كانت راجعة عائدة أي متجهة نحو اليمن، نحو العاصمة "قرنو"، وقد تعرضت لأخطار كثيرة بسبب الحرب المذكورة وبسبب الغزو الذي تعرضت له، وهي في طريها إلى وطنها.

وقد كانت مثل هذه القوافل هدفاً ممتازاً للقبائل والعشائر وقطاع للطرق، لما تحمله من أموال. وهي وان أمنت على نفسها باتفاقات تعقدها الحكومات ويعقدها أصحاب الأموال مع سادات القبائل الذين تمر الطرق من مناطق نفوذهم، إلا إن مثل هذه الاتفاقات لم تكن كافية لحماية الأموال المغرية التي تحملها الجمال من طمع الطامعين فيها. وقد يقع الاعتداء من قبائل أخرى معادية لسادات القبائل الذين يحمون تلك الطرق. ولهذا كانت أموال التجار معرضة دائماً للأخطار، وعلى التجار أيضاً زيادة أسعار موادهم، بسبب الضرائب المستمرة التي يدفعونها لسادات الطرق، وإلا تعرضت القوافل للسلب والنهب. ولهذا لا غرابة إن نذر التجار لاصنامهم وحمدوها وسبحوا بأسمائها عند عودتهم سالمين من تجارتهم.

واختلف الباحثون في تعيين الحرب زمنها التي نشبت في وسط مصر بين "مذى" و"مصر". فذهب بعضهم إلى إن المراد من "مذى" "الماذيين"، ويراد بهم "المدينون"، وهم طبقة من طبقات العرب القدماء، ورؤوا إن المعينيين كانوا قد أطلقوا "مذى" علهم محاكاة لبني إرم، وكانوا على اتصال وثيق بهم. ولهذا دعوا ب "مذى" في هذه الكتابة.

وذهب "فلي" إلى إن "مذي" هم "المدينيون"، أهل مدين "المديانيين" الذين عرفوا بتحرشهم بالعبرانيين. وهم سكان أرض "مديان" "مدين"، وهي أرض واسعة تمتد من خليج العقبة إلى موآب وسيناء. ويرى إن الحرب المذكورة قد وقعت بينهم وبين أهل "معن مصرن" أي "معين المصرية". وراى "هومل" إن "مذي" هم جماعة من بدو سيناء.

و اختلفوا في زمن وقوع تلك الحرب، فذهب "ونت" إلى إن الحرب المذكورة في هذا النص، حرب "مذي" و"مصر" هي الحرب التي وقعت بين "الميديين" والمصريين في سنة "343 ق. م.". وقد استولى فيها "أرتحشتا أوخوس" "أرطخشت أوخوس" Artaxerxes Ochus على مصر. وإلى هذا الرأي ذهب "البرايت" Albright كذلك أما "ملاكر" K. Mlaker إن هذه الحرب، هي الحرب التي وقعت في حوالي سنة "525ق. م." فادت إلى فتح "قمبيز" Cambyses لمصر.

وقد ذهبت "بيرين" J. Pirenne إلى إن الحرب المذكورة وقعت في الفترة الواقعة فيما بين "210" إلى "205 ق. م."،وأن المراد من "مذي" "السلوقيون" ومن "مصر" البطالمة، وأنها قد تشير إلى الاستيلاء على "غزة" في سنة "217 ق. م." تقريبا، وإلى المعركة التي تلتها ووقعت عند موضع Rapheia.

ويرى البعض إن لفظة "مذي" إنما كانت تعني الحكومة التي تحكم العراق، ولو لم تكن من "الماذويين" "الجديين"، وأن "مصر" تعني الحكومة التي تحكم مصر من غير تقيد بجنسية الحاكمين لها. ويستشهد على هذا بورود لفظة "مذي" "همذي" في نص "صفوي" من سنة "614" للميلاد، وقد قصد بهم "الفرس". ويرى إن إطلاق لفظة "همذي" أي "الميذيين" على الفرس لا يثير اعتراضاً كبيراً مثل الاعتراض الذي يثار حول تفسير "مذي" ب "سلوقيين"، إذ إن الساسانيين هم فرس، والماذيين فرس كذلك، وان كانوا من جيلين مختلفين، أما "السلوقيون"، فقد كانوا يوناناً. هذا وقد ورد في النص اسم أرض دعيت "اشور" "اشر"، ووردت معها لفظة "مصر". وقد ذهب بعض الباحثين فبه إلى إن الكبيرين المذكورين كانا يمثلان ملك معين في "مصر"، أو في "صور" على بعض القراءات وعند ملك "اشر" "اشور" و"عبر نهران". وذهبوا إلى إن "اشر" "اشور" هي "آشور"، أو البا دية. أما "هومل" و"كلاسر" فذهبا إلى إن المراد من "اشور" أرض تقع على حدود مصر، سكنها شعب دعي في التوراة ب "اشوريم" Asshurim، وهم "ولطوشيم" Lutushim و"لويميم" Leummim قبائل عربية جعلتها التوراة من نسل "ددان" Dedan "ديدان" من إبراهيم من زوجه "قطورة". وقد ورد في "الترجوم" Taegum إن معنى "اشوريم" سكان الخيام. وقد وردت اللفظة "اشور" "اشور" Ashur في كتابتين معينيتين.

وعلى راي "هومل" و"كلاسر" يكون الكبيران المذكوران في الكتابة، وهما أصحابها، قد حكما ومثلا ملك معين في معين المصرية" وفي أرض "اشور" أي في منطقة تمتد من مصر إلى "بئر السبع" Beersheba و"حبرون" Hebron، وهي سيناء عند "هومل"، والأرض الواقعة بين السويس إلى "غزة" وجنوب فلسطين عند "كلاسر".

وأما الميغرون على القافلة والذين أرادوا الاستيلاء عليها، فهم قوم من "سبأ" و"خولان على رأي الباحثين. وقد ورد اسم الخولانيين في نصوص عربية جنوبية مما يدل على إنهم كانوا من القبائل المعاصرة للسبئيين.


ويتبين من هذا النص إن حربين قد نشبتا قبل تدوينه، حرب نشبت بين "ذيمنت" و"ذ شامت"، أي بين سادة الجنوب وسادة الشمال، وحرب أخرى هي الحرب التي نشيت ببن "مذي" و"مصر"، وقد أصاب المعينيين من هاتين الحربين خسائر كبيرة، أما متى نشبت الحربان وكم كانت المدة بينهما، وبين الهجوم على القافلة المعينية المذكورة، فليس من الممكن تقديم أجوبة مقنعة.

وذكر اسم الملك "ابيدع يثع"، واسم ابنه "وقه آل ريم" "وقه أيل ريام" في النص الذي وسم ب Rep. Epig.، 3535، وهو نص دوّنه "سعد ابن هوفعثت" من "آل ضفجن" "آل ضفجان" "آل ضفكان" عند بنائه "مذبا" "مذابا"، وصاحب هذه الكتابة هو من العشيرة التي ينتمي إليها صاحب الكتابة Glaser 1155. وقد كان "كبيراً" كذلك تولى إدارة مقاطعة "معن مصرن" "معين مصران"، أي "مصين المصرية"   وقد دعيت، بذلك لأن سكانها من المعين الساكنين في الشمال في العلا وما جاورها على الحدود المتاخمة لشرق "مصر"، وقد تيمن بهذه المناسبة على عادة العرب الجنوبيين بذكر اصنام معين ثم ملك معين وابنه.

وجاء بعد "اب يدع يثع" "أبيدع يثع" على عرش معين الملك "وقه آل ريم" "وقه ايل ريام" ابن الملك "أبيع يثع" "أب يدع يثع". وابن "هوف عث" "هو فعث" على رأي "فلبي". أما "البرايت"، فقد جعله في موضع ابن "هو فعث"، غير إنه عاد في مواضع أخرى، فجعله ابنا من أبناء "أب يدع يثع".

وانتقل الحكم إلى حفن صدق "حفن صديق" بعد "أب يدع يثع"، وهو ابن "هوفعث" على رأي "فلبي"، وابن "وقه آل ريم" "وقه ايل ريام" على رأي "البرايت". وكان "البرايت" قد جعله في بحث آخر نشره من قبل شقيقياً ل "وقه ايل ريام"، أي إنه جعله أحد أبناء "أب يدع يثع".

ثم صار الحكم إلى "اليفع يفش" بعد "حفن محدق"، وهو ابنه على رأي "فلبي" أما ! البرايت" فقد ذكر في بعض من بحوثه إنه ابنه، غير إنه وضع أمام قوله هذا علامة استفهام إشارة إلى إنه غير واثق برأيه كل الوثوق، ووضع في بحث له أخر في ملوك المعينيين جملة اشترك مع "حفن صدق في الحكم"، من غير إن يشير إلى علاقته به.

ووضع "فلبي" فراغاً بعد اسم "اليفع ي فش"، لا يدري من حكم فيه، قدره على عادته بعشرين عاماً، ويقابل ذلك حوالي السنة "870 ق. م."، وجعل نهايته في سنة "850 ق. م."، ثم وضع بعده أسرة جديدة، زعم إنها -حكمت معيناً على رأسها "يثع أيل صديق" "يثع آل صدق" ولا نعرف الآن من أمره شيئاً إلا ما ورد في كتابة من الكتابات من أنه بنى حصن "يشبم" "يشبوم"، وأنه والد "وقه آل يثع" "وقه أيل يثع" ملك معين. و"وقه آل يثع" هو والد "اليفع يعشر" الذي ضعفت في أيامه حكومة معين كما يظهر ذلك من كتابة كتبها أهل "ذمرن" "ذمران" لمناسبة وقفهم وقفاً على معبدٍ، إذ ورد: "في أيام سيدهم، وقه آل يثع وابنه اليفع يشر، ملك معين، وباسم سيدة شهر يكل يهركب ملك قتبان". ويظهر منها إنها كتبت في أيام "وقه آل يثع"، وكان ابنه "اليفع" يحمل لقب "ملك"، كذلك وأن حكومة قتبان كانت أقوى من حكومة "معين"، ولهذا اعترف ملك معين بسيادة ملك قتبان عليه.

وقد ورد اسم "اليفع يشر" في كتابات أخرى، منها الكتابة الموسومة Glaser 1144=Halevy قد دونت بأمر جماعة م ن أهل "نيط" لمناسبة قيامهم بترميمات وإصلاحات في الأبراج وحفر قنوات ومسايل للمياه تقرباً إلى اصنام معين. ومنها كتابة دونت في "نشن" "نشان"، وكتابة دونت في "قرنو"، ويظهر من هذه الكتابة الأخيرة ما يؤيد رأي القائلين إن حكومة قتبان كانت أقوى من حكومة معمين إذ ذاك، وإنها فرضت نفسها لذلك عليها إلا إن هذا لا يعني إنها فقدت استقلالها وصارت خاضعة لحكومة قتبان فإننا نرى إنها بقيت مدة طويلة بعد هذا العهد محافظة على كيانها، وعلى رأسها ملوك منهم الملك "حفن ريم" "حفن ريام" وهو ابن "اليفع يشر" وشقيقه "وقه آل نبط" و"كه ايل نبط".

وورد اسم "اليفع بشر" في كتابتين عثر عليهما في "الديدان" "ددن" "ددان" "العلا"، أمر بتدوين إحداهما "وهب آل بن حيو ذعم رتنع" "عمى رتنع" من أعيان المعينيين في الشمال ومن "الكبراء". وأما الكتابة الأخرى فتعود ل "يفعن" "يفعان" من رؤساء "ددان" كذلك. وقد كان هذان الرجلان من أسرتين كبيرتين عرفتا في أيام معين المتأخرة وفي عهد اللحيانيين، وورد اسم الأسرتين في عدد آخر من الكتابات.

وورد في النص الموسوم ب Rep. Epigr.، 3707 اسم الملك "وقه آل نبط" وورد فيه اسم المدينة "قرنو" العاصمة. وهذا النص دون في أيام "هنا فامن" "هانئ فأمان" الذي كان كبيراً على هذه المنطقة التي دُوّن فيه النصر، وهي منطقة "الخريبة" في أرض مدين أي في الأرضين التي سكنها المعينيون الشماليون. والملك المذكور هو ابن الملك "اليفع بشر" وشقيق الملك "حفن ريام".

أما "البرايت"، فقد وضع هذه الأسرة التي يرأسها "يثع ايل صدق"، في نهاية الأسر الحاكمة لحكومة معين. وتتألف عنده من "يثع ايل صدق"، ومن "وقه ايل يثع" ابنه، ومن "اليفع بشر"، ومن "حفن ريام"، ومن "وقه ايل نبط"، وقد كان حكم "وقه ايل صدق" - على رأيه - في حوالي السنة "150 ق. م.". وكان تابعاً للملك "شهر يبل يهرجب" "شهر يكل يهركب" ملك قتبان.

وترك "فلبي" بعد اسم "حفن ريام" و"وقه ايل نبط" فراغاً لا يدرى من حكم فيه، قدره بعشرين عاماً، ويبدأ - على رأيه - من سنة "770" وينتهي بسنة "750 ق. م."، ثم وضع بانتهائه ابتداء أسرة أخرى جديدة، جعلها الأسرة الرابعة من الأمر التي حكمت حكومة معين. وقد ابتدأها بي "ابيدع ريام"، ثم بابنه "حل كرب صدق" "خال كرب صديق". وقد ورد اسمه في كتابة وجدت في "قرنو" لمناسبة "تدشين" معبد "لعشتر ذ قبض" "عثتر ذو قبض"، وكان له ولدان، هما: "حفن يثع" و"أوس" وقد تولى "حفن يثع" عرش "معين" بسد وفاة أبيه"، ومن الجائز - على رأي "فلبي" - إن يكون شقيقه "أوس" قد اشترك معه في الحكم.

وورد عهد الملك "خلكرب صدق" "خالكرب صديق" "خالكرب صادق" في الكتابة المرقمة ب Glaser 1153=Halevy 243، وذلك لمناسبة تقديم جماعة ذكرت أسماؤهم في الكتابة نذراً إلى الاصنام "عثتر ذ فبض" في معبده بي "رصف" "رصاف" "رصفم" لقبيلة "هورن" "هوران". فذكروا إن ذلك كان تيمناً باصنام "معين" و"يثل" في عهد هذا الملك.

وأما الرجال الذين قدموا ذلك النذر، فهم: "مشلك بن حوه" من "خد من" "خدمان" "آل خدمان" من قبيلة "زلتن" "زلتان"، و"أوس بن بسل" "باسل من "آل وكيل" "ذو كل" و"متعن بن حمم" "متعان بن حمام" من "آل وكيل"، "ذو كل" و"باسل بن لحيان". من "آل وكيل" و"ثني بن أيانس". من قبيلة "معهرم" "معهر"، و"مذكر بن عمانس" من "حرض" وآخران. وقد ذكر بعل اسم الملك اسم "الكبير" "كبر" 6 الذي كان يحكمهم، وهو "مشك" من "آ ل خد من" "آل خدمان".

ويرى "فون وزمن" إن الملك "خل كرب صدق"، "خال كرب صديق"، هو الذي بنى معبد "رصف"، "رصفم"، المعبد الشهير عند المعينيين. ويقع هذا المعبد خارج سور "قرنو" العاصمة، على مسافة حوالي "750" متراً من المدينة. وقد عثر في أنقاضه على عدد من الكتابات.

وتيمن من بذكر الملك "خالكرب صديق" ملك معين في نص آخر، دوّنه "مشك بن حوه" من "آل خدمان" من قبيلة "زلتان" أي الشخص الذي مرّ ذكره في الكتابة السابقة بالاشتراك مع أناس آخرين، هم: "حيوم بن هوف" و"وينان" 2 و"مأوس" ابن عمه من "آل كزيان"، "جزيان" و"هبان" "وهب" وأخوه "اكر" ابنا "صبح" من "آل جزيان"، و"اوسان"، وجماعة آخرون سقطت أسماؤهم من الكتابة. وقد ذكر بعد اسم الملك اسم "الكبير" الذي في عهده كتبت الكتابة وهو "مشك ذ خدمان" أي "مشك" من "آل خدمان" أو "كبير خدمان" "ذو خدمان" وهو الكبير المذكور في الكتابة السابقة.

وقد ورد اسم هذا الملك في الكتابة الموسومة ب Halevy 241+242. وقد أمر صاحبها بتدوينها لمناسبة تبحيره بئره المسماة "ثمر" "ثمار" على مقربة من معين وتوسيعها وطيها "أي بنائها"، وتسويره مزارعه وقد قوّى وحصن البرج المشرف عليها. وتيمناً بهذه المناسبة، ذكر اسم "عثتر ذ قبض" و"ود" و"نكرح" و"عثتر ذ يهرق" اصنام سعين، والملك "خالكوب صديق" وشعب معين.

أما "البرايت"،فكان قد ذكر في نهاية بحث له نشره في سنة "1950 م" عن ملوك معين إن هناك ما لا يقل عن خمسة ملوك نعرفهم إنهم من ملوك معين غير إننا لا نستطيع إن نعرف مواضعهم التي يجب إن يوضعوا فيها بين ملوك معين. وهؤلاء الملوك هم: "أبيدع ريام"، ثم ابنه "خلكرب صدق" "خليكرب صديق" "خال كرب صديق"، ثم ابنه "حفنم يثع" "حفن يثع"، ثم "يثع ايل ريام" وابنه "تبع كرب".

ثم عاد "البرايت" فغير رأيه في بحثٍ نشره في سنة 1953 م في هذا الموضوع أيضاً: موضوع ترتيب ملوك معين. فقد وضع اسم "يثع ايل ريام" بعد اسم "عم يثع نبط" وهو ابن "اب كزب" "أبكرب". وقد حكم - على رأيه - بعد "اليفع يفش" وذلك في حوالي السنة "300 ق. م."، ثم وضع بعده اسم "تبعكرب" "تبع كرب"، وهو ابن "يثع ايل ريام" ثم ذكر اسم "خليكرب صدق" "خاليكرب صديق" "خال كرب صديق" من بعده، وهو ابن "أبيدع ريام"، وقد كان حكمه في حوالي السنة "250 ق. م."، ثم جعل اسم "حفن يثع" من بعده وهو ابنه. وبذلك قدّم هذه الأسماء في هذا البحث بأن جعلها في المجموعة الأولى من المجموعات الثلاث التي حكمت مملكة معين.

وقد ختم "فلبي" قائمته لأسماء ملوك معين بان وضع فراغاً مقداره عشرون عاماً، لا يدرى من حكم فيه، أنهاه بسنة "670 ق. م."، ثم تحدث عن أسرة خامسة زعم إن أعضاءها هم: "يثع ايل ريام"، وقد حكم في حوالي السنة "670 ق. م."، ثم "تبع كرب " وهو ابنه وقد كان حكمه من سنة "650 ق. م." حتى سنة "630 ق. م.". وكان له شقيق اسمه "حيو" "حي" ربما كان قد شاركه في الحكم. وبذلك أنهى "فلبي" قائمته لملوك "معين".

وقد وضع "البرايت" قائمة رتب فيها ملوك معين، نجعل أولهم "اليفع يثع"، وقد حكم على رأيه حوالي سنة "400 ق. م."، وابن "صدق ايل" ملك حضرموت. وعندي إن البدء بهذا الملك على إنه أقدم ملوك معين، يدل على إن مملكة معين كانت في أقدم عهودها خاضعة لمملكة حضرموت، وهو يحتاج إلى دليل، ولم يرد في نص إن حكومة معين كانت خاضعة في بادئ الأمر لحكومة حضرموت، ثم استقلت عنهما، بل يذهب أكثر علماء العربيات الجنوبية إلى تقدم معين على حضرموت في القدم. ويلاحظ أيضاً إنه جعل الملك "يدع ايل" على رأس قائمة ملوك حضرموت وقد كان هذا الملك على رأيه أيضاً معاصراً للملك "كرب آل وتر" "كرب ايل وتر"، وقد حكم على رأيه حوالي سنة "450 ق. م.".

وجعل "البرايت" "حفن ذرح" بعد "اليفح يثع"، وهو ابنه ولعله الابن الأكبر، وهو شقيق "معد يكرب" ملك حضرموت، أي إن ولدي "اليفع يثع" كانا قد اقتسما تاج معين وتاج حضرموت.

وتولى عرش معين بعد "حفن ذرح" "ريام"، وقد تولى أيضاً عرش حضرموت على رأي "البرايت"، ثم تولى بعده "هوف عث"، ثم "اب يدع"، وهو شقيقه وابن "ريام"، وإلى ايامه يعود النص المعروف ب Halevy 535 +578،الذي يتحدث عن حرب نشبت بين "مدي" "ماذي" و"مصر". ويرى "البرايت" استناداً إلى هذا النصر إن حكمه يجب إن يكون في حوالي عام "343 ق. م." أما "فلبي" فقد جعل حكمه في حوالي عام "935 ق. م."، وجعله العاشر بحسب تسلسل الملوك. وتتشابه قائمة "البرايت" وقائمة "فلبي" في تسلسل المجموعة التي تولت حكم معين هي والتي تبدأ ب "اب يدع يثع" وتنتهي ب "اليفع يفش"، ثم تختلف قائمته عن قائمة "فلبي"، إذ يذكر "فلبي" أسرة جديدة، يرى إنها حكمت بعد تلك الأسرة بمدة قدرها بزهاء عشرين عاماً، على عادته في تقدير متوسط مدة حكم كل ملك من الملوك وتبدأ على رأيه ب "يثع ايل صديق" ثم بابنه "وقه ايل يثع". ثم ب "اليفع يشر" ثم ب "حفن ريام" ابن "يشر"، ثم "وكه ايل بنت" "وجه ايل نبط". أما "البرايت" فيذكر، قبل هذه السلالة التي تبدأ ب "وقه"، ثم ب "وقه ايل صديق" ثم ب "اب كرب يثع"، ثم تنتهي ب "عم يثع نبط" "نبط". وقد حكم "وقه" على رأي "البرايت" في حوالي سنة "250 ق. م."، على حين قدم "فلبي" هذه السلالة وجعلها في رأس قائمة ملوك معين. وقد حكم "اليفع وقه" على رأيه حوالي سنة "1120 ق. م.

وذكر "البرايت" بعد الأسرة المتقدمة أسرة أخرى جعل على رأسها "يثع آل صدق"، ثم "وقه آل يثع"، وهو ابن "يثع آل صدق"، وقد ذكر أنهما كانا تابعين للملك "شهر يجل يهرجب"، ملك قتبان الذي حكم على تقديره في حوالي سنة "150 ق. م."، وجعل بعد "وقه آل يثع" ابنه الملك "اليفع يشر" وقد ورد اسمه في كتابة عثر عليها في "ددان" "ديدان"، ثم جعل من بعده ابنه "حفن عم ريام"، ثم شقيقه "وشه آل نبط". وقد ورد اسمه في كتابة "ديدان".

و ذكر "البرايت" إنه لا يستطيع تعيين زمن حكم الملوك "اب يدع ريام" وابنه "خلكرب صدق"، وابنه "جفن عم يثع"، و"يثع آل ريام"، ويرى "فون وزمن" احتمال كون "اليفع يشر الثاني" هو آخر ملك من ملوك معين. وقد لقب "البرايت" هذا الملك "بالثاني"، أيضاً ليميزه عن ملك آخر عرف بهذا الاسم وضعه في الجمهرة الثانية من الجمهرات الثلاث التي صنعها لملوك معين، لهذا دعاه ب "الأول". وقد جاء في الكتابة الموسومة ب REP. Epig. 3021 اسمه واسم "شهر يجل يهرجب" ملك قتبان، كما سبق إن ذكرت. وهذا مما يدل على إنه كان معاصراً لملك شبان المذكور. وقد حكم فيما بين السنة "75 ق. م." والسنة "50ق. م." 0 أما "فون وزمن"، فيرى إن حكمه كان في حوالي السنة "45 ق. م.".

وقد عاد "البرايت" كما قلت سابقاً فأعاد النظر في قائمته المذكورة التي وضعها لملوك معين، فقدم وأخر ووضع تواريخ جديدة، أثرت إلى بعضها فيما سبق وسأنقل قائمته نقلاً كاملاً في نهاية هذا الفصل.

وقد جل "البرايت" زمان حكم المجموعة الأولى من حكام معين بين السنة "400 ق. م." والسنة "200 ق. م.". أما زمان حكم المجموعة الثانية فقد جعله بين السنة "200 ق. م." والسنة "100 ق. م." إلى ال "57ق. م.". وأما زمان حم المجموعة الثالثة فمن أوائل القرن الأول قبل الميلاد إلى النصف الأخر منه، فما بين السنة "50ق. م." والسنة "25 ق. م.".

غير إنه بيّن إنه لا يريد إن يؤكد إن قائمته هذه قائمة ثابتة لا تقبل تعديلاً ولا إصلاحاً. فقد يجوز إن تعدل في المستقبل في ضوء الاكتشافات الجديدة، كما عدلت قائمته السابقة تعديلاً كبيراً. وقد رتب قائمته الثانية في ضوء دراسة تطور الخط وشكل الكتابة عند العرب الجنوبيين بحسب العصور. ولكن هذا لا يكفي وحده بالطبع في إبداء إحكام قاطعة صحيحة بالنسبة إلى السنين.

أما قائمة "كليمان هوار"، فتتألف من سبع مجموعات. رجال المجموعة الأولى الملك "يثع ايل صديق" والملوك "وقه ايل يثع" و"يشر" و"حفن عم ريمم" "حفن ريام". ورجال المجموعة الثانية الملوك: "اليفع يثع" و"اب يدع يثع" و"وقه ايل ريام"، و"حفنم صديق" "حفن صديق" "حفن صدق"، و"يفش". ورجال الجمهرة الثالثة هم الملوك: "اليفع وقه" و"وفه ايل صدبق" و"اب كرب يثع"، و"عم يدع نبط" "عمى يدع نبط"، ورجال الجمهرة الرابعة الملوك: "ريام" و"هوف عثت". وأما الجمهرة الخامسة، فتتألف من "أب يدع" ولم يذكر لقبه، ومن "خال كرب صديق" ومن "حفن يثع". وأما المجموعة السادسة، فتتكون من "يثع ايل ريام"، و"تبع كرب". وأما المجموعة السابعة، فعمادها "اب يدع"، ولم يذكر لقبه و"حفنم".

ويلاحظ إن ملوك معين، وكذلك ملوك سائر الحكومات العربية الجنوبية، كانوا يحملون ألقاباً مثل:
-"صدق" "صدوق" أي "الصادق" و"العادل" و"الصدوق".
-"وتر"، بمعنى "المتعالي".
-بين" بمعنى "الظاهر" والبين.
-فرح"، بمعنى "الوضاح"،أو "لمنير" أو "المشرق".
-يشر" بمعنى "المستقيم".
-يفش"، بمعنى "الفخور" و"المتكبر" أو "المتعالي.
-"وقه" بمعنى "المجيب" و"المطيع"، وربما بمعنى "الآمر".
-"نبط" بمعنى "المضيء.

وقد ورد في الكتابة الموسومة ب Halevy 208، وهي من "معين" اسم ملك من ملوك معين، هو "اليفع يثع"، وذكر بعده اسم "ابيدع" "أبي دع" ولم يلقب أي واحد منهما بلقب "ملك"، وإنما ذكرا بعد ذكر أسماء اصنام معين. وجاء بعد ذلك في جملة تالية "وملوك معين". ويظهر بوضوح من هذا النص إن "اليفع يثع" و"أبيدع" كانا ملكين من ملوك مدين. وأن في عهدهما دونت هذه الكتابة، تيمناً باسمهما، وتخليداً لتأريخها، وقد لاحظت إن الباحثين في حكومة معين لم يشيروا إلى اسميهما في ضمن القوائم التي وضعوها لحكام تلك الحكومة.

حكومات عدن : 


انقرضت حكومة "معين" وحلت محلها حكومة "سبأ" غير إن هذا لا يعني انقراض شعب معين بانقراض حكومته، وذهابه من عالم الوجود، إذ ورد اسم المعينين في عدد من الكتابات المعينية التي يرجع عهدها إلى ما بعد عهد سقوط حكومتهم، كما ورد اسمهم في المؤلفات الكلاسيكية التي تعود إلى القرن الأول للميلاد. وقد سبق إن ذكرت رأي المتخصصين في العربيات الجنوبية في هذا الموضوع، أما متى خفي اسمهم من عالم الوجود خفاء تاماً، فذلك سؤال لا تمكن الإجابة عنه الآن، إذ يتطلب ذلك التأكد من إننا قد وقفنا على جميع الكتابات العربية الجنوبية والمؤلفات الكلاسيكية، ولا أخال إن في استطاعة أحد إثبات هذا الادعاء.

أعود فأقول: تباينت آراء العلماء في تعيين الزمن الذي ظهرت فيه مملكة "معين" الوجود، كما تباينت في نهايتها. كذلك ذهب "البرايت" إلى إن النهاية كانت في حوالي سنة "100 ق. م.". ثم عدل عن ذلك فجعلها في النصف الأول م ن القرن الأخير قبل الميلاد، بين سنة "50" وسنة "25" قبل الميلاد. وجعلت "بيرين" نهايتها في حوالي سنة "100 ب. م."، والذي أرجحة إن نهايتها كانت بعد الميلاد، لوررد اسمها مملكة إلى ما بعد الميلاد.

و قد جعل "البرايت" في أحد رأييه في سقوط حكومة معين سنة "115" قبل الميلاد، وهي مبدأ التقويم السبئي، هي سنة زوال حكم معين، فلأهمية هذه الحادثة اتخذت مبدأ لتقويم يؤرخ به. وذهب آخرون إلى إن نجم معين أخذ في الأفول صة بين سنة "125" وسنة "75 ق. م.".

وفي خلالة الفترة التي انصرمت بين أواخر أيام حكومة معين واندماجها ا نهائياً في مملكة "سبأ"، ظهرت حكومات صغيرة يمكن إن نشبهها بحكومات المدن، انتهزت فرصة ضعف ملوك معين، فاستقلت في شؤونها، ثم اندمجت بعد ذلك في سبأ، ومن هذه الحكومات "هرم" "الهرم" و"نش" "نشان" و"كمنت" "كمنه" "كمنهو"، "كمنا" وغيرها. ويمكن اعتبار مملكة "لحيان" التي كان مركزها في "الديدان" "ددن"، أي "العلا" من الحكومات التي استقلت في أيام ضعف المعينين، وقد كانت في الأصل جزءاً من أرضي هذه المملكة يحكمها كبير.

وقد عرفنا من الكتابة الموسومة ب Halevy 154 ملكاً من ملوك "هرم" سمي "يذمر ملك". وقد غزا مدينة "نشن" "نشان". ودمرها تنفيذاً لطلب الملك "كرب أيل وتر" ملك سبأ، الذي كان معاصراً له، وقد وهب له "كرب ايل وتر" في مقابل هذه الخدمة جزءاً من أرض "نشن" عرف بخصبه وبوجود الماء فيه. وقد ورد اسمه في عدد آخر من الكتابات.

وكان له، لد اسمه "بعثتر" جلس على عرش "هرم"، وشقيق اسمه "وروال ذرحن" "وروايل ذرحان".

وقد ورد في النص الموسوم ب Glaser 1058 اسم ملك آخر من ملوك "هرم" هو "معد كرب ريدن" "معد يكرب ريدان"، وأبوه هو "هوتر عثت".

وقد تبين من فحص الكتابات المدونة في مملكة "هرم" أن لها خصائص صرفية ونحوية تستحق العناية والدرس، ويظهر أن هذه الخصائص إنما نشأت من موقع هذه المدينة ومركزها السياسي والأحداث السياسية التي طرأت عليها، ومن الاختلاط الذي كان بين سكانها، فاثر كل ذلك في لهجة السكان، ويرى "هارتمن" أن لهجة كتابات "هرم" من اللهجات التي يمكن ضمها إلى الجمهرة التي تستعمل حرف "ه" في المزيد مقابل حرف "س" في الجمهرة التي تستعمل هذا الحرف في الفعل المزيد.

مملكة كمنه: 


ومن ملوك مملكة "كمنه" "كمنهو"، الملك "نبط علي"، وقد ورد اسمه في بعض الكتابات. وورد في كتابة يظن إنها من كتابات "كمنهو" مكسورة سقطت منها كلمات في الأول وفي الآخر، جاء فيها: وبمساعدة عثتر حجر "هجر" و"نبط علي". والمقصود ب "عثتر حجر" "هجر" الصنم عثتر سيد موضع يقال له "حجر" "هجر"، وربما كان في هذا المكان معبد لعبادة هذا الصنم. وجاء قبل ذلك: "نبعل دللن" "نبعل الدلل"، وهذه الجملة ترد لأول مرة في الكتابات، ويظهر إن معناها "بعل الدلل" أو "الدليل"، ويظهر إن "الدلل" أو "الدليل" من الصفات التي أطلقها شعب "كمنه" "كمنهو" على عثتره.

وكان ل "نبط علي" ولد أصبح ملك "كمنه" "كمنهو" بعد والده، هو: "السمع نبط". وقد وصلت إلينا كتابة، جاء فيها: "السمع نبط بن نبط علي ملك كمنهو وشعبهو كمنهو لالمقه ومريبو ولسبا"، أي "السمع نبط بن نبط على ملك كمنه وشعبه شعب كمنه، لألمقه ومأرب ولسبأ". وهذه العبارة تظهر بجلاء إن مملكة "كمنو" "كمنهو" كانت مستقلة في هذا الزمن استقلالاّ صورياً، وإنها كانت في الحقيقة تابعة كومة "سبأ" ولمأرب العاصمة يدل على ذلك قربها إلى "المقة"، وهو صنم السبئيين ولمأرب العاصمة، أي لملوكها ولشعب سبأ. وكان من عادة الشعوب القديمة إنها إذا ذكرت اصنام غيرها فمجدتها وتقربت أليها، عنت بذلك اعترافها بسيادة الشعب الذي يتعبد لتلك الاصنام عليها.

حكومة معين :


حكومة معين حكومة ملكية يرأسها حاكم يلقب بلقب "ملك"، غير إن هذه الحكومة وكذلك الحكومات الملكية الأخرى في العربية الجنوبية، جوزت إن يشترك شخص أو شخصان أو ثلاثة مع الملك في حمل لقب "ملك"، إذا كان حامل ذلك اللقب من أقرباء الملك الأدنين، كأن يكون ابنه أو شقيقه. فقد وصلت إلينا جملة كتابات، لقب فيها أبناء الملك أو أشقاؤه بلقب ملك، وذكروا مع الملك في النصوص. ولكننا لم نعثر على كتابات لقب فيها أحد بهذا اللقب، وهو بعيد عن الملك، أي ليس من أقربائه المرتبطين به برابطة الدم. كما إننا لا نجد هذه المشاركة في اللقب في كل الكتابات، وهذا مما حملنا على الظن بأن هذه المشاركة في اللقب، كانت في ظروف خاصة وفي حالات استثنائية، وهذا خصصت بأبناء الملك أو بأشقائه، وهذا أيضاً لم ترد في كل الكتابات، بل وردت في عدد منها هو قلة بالنسبة إلى ما لدينا الآن من نصوص.

ولم تبح لنا أية كتابة من الكتابات العربية الجنوبية بسر هذه المشاركة أكانت مجرد مجاملة وحمل لقب، أم كانت مشاركة حقيقية، أي إن الذين اشتركوا معه أيضاً في تولي أعمال الحكم كلية، أو بتولي عمل معين مهن الأعمال، بأن يوكل الملك من يخوله حمل اللقب القيام بوظيفة معينة ? ولم تبح لنا تلك الكتابات بأسرار الدوافع التي حملت أولئك الملوك على السماح لأولئك الأشخاص بمشاركتهم في حمل اللقب، أكانت قهرية كأن يكون الملك ضعيفاً مغلوباً على امره، ولهذا يضطر مكرهاً إلى إشراك غيره معه من أقربائه الأدنين لإسناده ولتقوية مركزه، أم كانت برضى من الملك ورغبة منه، فلا إكراه في الموضوع ولا إجبار ?.

ويظهر من الكتابات المعينية أيضاً إن الحكم في معين، لم يكن حكماً ملكياً تعسفياً، السلطة الفعلية مركزة في أيدي الملوك، بل كان الحكم فيها معتدلاً استشارياً يستشير الملوك أقربائهم ورجال الدين وسادات القبائل ورؤساء المدن، ثم يبرمون أمرهم، ويصدرون أحكامهم على شكل أوامر ومراسيم تفتتح بأسماء اصنام معين، ثم يذكر اسم الملك، وتعلن كتابة ليطلع عليها الناس.

وقد كانت المدن حكومات، لكل مدينة حكومتها الخاصة بها، وهذا كان في استطاعتنا أن نقول إن حكومة معين هي حكومات مدن، كل مدينة فيها حكومة صغيرة لها اصنام خاصة تتسمى ب اسمها، وهيئات دينية، ومجتمع يقال له: "عم"، بمعنى أمة وقوم وجماعة. ولكل مدينة مجلس استشاري يردير شؤونها في السلم وفي الحرب، وهو الذي يفصل فيما يقع بين الناس من خصومات وينظر في شؤون الجماعة "عم".

وكان رؤساء القبائل يبنون دوراً، يتخذونها مجالس، يجتمعون فيها لتمضية الوقت وللبت في الأمور وللفصل بين أتباعهم في خلافاتهم، ويسجلون أيام تأسيسها وبنائها، كما يسجلون الترميمات والتحسينات التي يدخلونها على البناية. وتعرف هذه الدور عندهم بلفظة "مزود". ولكل كل مدينة "مزود"، وقد يكون لها جملة "مزاود"، وذلك بأن يكون لشعابها وأقسامها مزاود خاصة بها، للنظر فيما يحدث في ذلك الشعب من خلاف. ويمكن تشبيه المزود بدار الندوة عند أهل مكة، وهي دارة قُصَيّ بن كلاب التي كانت قريش لا تقضي أمراً إلا فيها، يتشاورون فيها في أمور السلم والحرب.

وتتألف مملكة معين من مقاطعات، على رأس كل مقاطعة ممثل عن الملك، يعرف عندهم ب "كبر"، أي "الكبير". يظهر إنه كان لا يتدخل إلا في السياسة التي تخص المسائل العليا المتعلقة بحقوق الملك وبشعب معين. ويرد اسم الكبير بعد اسم الملك في النصوص على عادة أهل معين وغيرهم من ذكر اصنامهم أولاً ثم الملوك ثم الكبراء في كتاباتهم التي يدونونها ليطلع عليها الناس.

ودخل الحكومة من الضرائب ومن واردات الأرضين الحكومية التي تستغلها أو تؤجرها للناس بجُعل يتفق عليه. أما الضرائب فتؤخذ من التجار والزراع وسائر طبقات الشعب الأخرى، يجمعها المشايخ، مشايخ القبائل والحكام والكبراء بوصفهم الهيئات الحكومية العليا، وبعد إخراج حصصهم يقدمون ما عليهم للملك. وأما الواردات من المصادر الأخرى، مثل تأجير أملاك الدولة، فتكون باتفاق خاص مع المستغل، وبعقد يتفق عليه.

ومن الضرائب التي وردت أسماؤها في الكتابات: كتابات العقود ووفاء الضرائب والديون، ضريبة دعيت ب "فرعم"،أي "فرع" وضريبة عرفت ب "عشرم" أي "عشر"، وتؤخذ من عشر الحاصل، فهي "العشر" في الإسلام.

وكان للمعابد جبايات خاصة بها، وأرضون واسعة تستغلها، كما كان لها موارد ضخمة من النذور التي تقدم أليها باسم اصنام معين، عند شفاء شخص من مرض ألمّ به، وعند رجوعه سالماً من سفر، وضد عودته صحيحاً من غزو أو حرب، وعند حصول شخص على غلة وافرة من مزارعه أو مكسب كبير من تجاراته، وأمثال ذلك. ولهذا كانت للمعابد ثروات ضخمة وأملاك واسعة ومخازن كبيرة تخزن فيها أموالها. ويعبر عن النذور والهبات التي تقدم إلى المعابد بلفظتي "كبودت" و"اكرب"، "أقرب" أي ما يتقرب به إلى الاصنام. وتدوّن عادة في كتابات تعلن للناس، يذكر فيها اسم المتبرع الواهب واسم الصنم أو الاصنام التي نذر لها، واسم المعبد، كما تعلن المناسبة، وتستعمل بعض الجمل والعبارات الخاصة التي تتحدث عن تلك المناسبات مثل: "يوم وهب" و"بذماد بن يدهس"، أي "بذات يده" وأمثال ذلك من جمل ومصطلحات. وقد وصلت إلينا خصوص كثيرة من نصوص النذور، وهي تفيدنا بالطبع كثيراً في تكوين رأينا في النذور والمعابد واللغة التي تستعمل في مثل هذه المناسبات عند المعينيين وعند غيرهم من العرب الجنوبيين.

ويقوم "الناذر" أو الشخص الذي استحقت عليه الضرائب أو القبيلة بتقديم ما استحق عليه إلى المعبد، وكانت تعد "ديوناً" للصنم على الأشخاص. فإذا نذر الشخص للاصنام بمناسبة مرض أو مطالبة بإحلال بركة في المزرعة أو في التجارة أو إنقاذ من حرب وصادف أن مرت الأمور على وفق رغبات أولئك الرجال، استحق النذر على الناذر، فرداً كان أو جماعة، ولذلك يعبر عنه ب "دين"، فيقال "دين عثتر" أو "دين".

وقد يفوض الملك أو المعبد إلى رئيس أو سيد قبيلة أو غني استغلال مقاطعة أو منجم أو أي مشروع آخر في مقابل شروط تدون في الكتابات، فتحدد الحدود، وتعين المعالم، وينشط المستغل للاستفادة منها وأداء ما اتفق عليه من أداء للجهة التي تعاقد معها، ويقوم بجباية حقوق الأرض إن كان قد أجرها لصغار المزارعين وبدفع أجور الأجراء وبتمشية الأعمال، ويكون هو وحده المسؤول أمام الحكومة أو المعبد عن كل ما بتعلق بالعمل، وعليه وحده أن يحسب حساب خسائره وأرباحه.

ويتعهد الكبراء وسادات القبائل والحكام عادة بجمع الضرائب من أتباعهم ودفع حصة الحكومة، كما يتعهدون بإنشاء الأبنية العامة كإنشاء المباني الحكومية وإحكام أسوار المدن وبناء الحصون والأبراج والمعابد وما شاكل ذلك، مقابل ما هو مفروض عليهم من ضرائب وواجبات أو تفويض التصرف في الأرضين العامة. فإذا تمت الموافقة، عقُد عقد بين الطرفين، يذكر فيه إن اصنام معين قد رضيت عن ذلك الاتفاق، وان المتعهد سيقوم بما اتفق عليه. وإذا تم العمل وقد يضيف إليه المتعهد من جيبه الخاص، ورضي عنهَ الملك الذي عهد إليه بالعمل أو الكهنة أرباب المعبد أو مجلس المدينة، كتب بذلك محضر، ثم يدون خبره على الحجر، ويوضع في موضع ظاهر ليراه الناس، يسجل فيه اسم الرجل الذي قام بالعمل، واسم الاصنام التي باسمها عقد العقد وتم، واسم الملك الذي تم في اياهمه المشروع، واسم "الكبير" الحاكم إن كان العقد قد تم في حكمه وفي منطقة عمله.

وتعهد المعابد أيضاً للرؤساء والمشايخ القيام بالأعمال التي تريد القيام بها، مثل إنشاء المعابد وصيانتها وترميها والعناية بأملاكها وباستغلالها بزرعها واستثمارها نيابة عنها. وقد كان على المعابد كما يظهر من الكتابات أداء بعض الخدمات العامة للشعب، مثل إنشاء مباني عامة أو تحصين المدن ومساعدة الحكومة في التخفيف عن كاهلها، لأنها كانت مثلها تجبي الضرائب من الناس وتتلقى أموالاً طائلة من الشعب وتتاجر في الأسواق الداخلية والخارجية، وكانت تقوم بتلك الأعمال في مقابل إعفائها من الضرائب. وقد كانت وارداتها السنوية ضخمة قد تساوي واردات الحكومة.

وتخزن العابد حصتها من البخور واللبان والمر والحاصلات الأخرى في خزائن المعبد، وتأخذ منها ما تحتاج إليه مثل البخور للأعياد وللشعائر الدينية وتبيع الفائض، وقد ترس مع القوافل لبيعه في البلاد الأخرى، وقد تعود قوافله محملة ببضائع اشترتها بأثمان البضائع المبيعة، ولذلك كانت أرباحها عظيمة، وكان أكثر الكهان من البيوتات الكبيرة ومن كبار الأغنياء.

نقود معينية:


تعامل قدماء المعينيين مثل غيرهم من شعوب العالم بالمقايضة العينية، وبالمواد العينية دفعوا للحكومة وللمعابد ما عليهم من حقوق، وبها أيضاً دفعت أجور الموظفين والمستخدمين والعمال والزراع، وقد استمرت هذه العادة حتى في الأيام التي ظهرت فيها النقود، وأخذت الحكومات تضرب النقود، وذلك بسبب قلة المسكوكات، وعدم تمكن الحكومات من سك الكثير منها كما تفعل الحكومات في هذه الأيام.

وقد عرف المعينيون النقود، وضربوها في بلادهم. فقد عثر على قطعة نقد هي "دراخما" أي درهم، عليها صورة ملك جالس على عرشه، قد وضع رجليه على عتبة، وهو حليق الذقن متدلٍ شعره ضفائر، وقد أمسك بيده اليمنى وردة أو طيراً واسمك بيده اليسرى عصا طويلة، وخلفه اسمه وقد طبع بحروف واضحه بارزة بالمسند، وهو "اب يثع" وأمامه الحرف الأول من اسمه، وهو الحرف "أ" بحرف المسند، دلالة على إنه الآمر بضرب تلك القطعة. ولهذه القطعة من النقود أهمية كبيرة في تأريخ "النميّات" في بلاد العرب وفي دراسة الصلات التجارية بين جزيرة العرب والعالم الخارجي.

ويظهر من دراسة هذه القطعة ومن دراسة النقود المشابهة التي عثر عليها في بلاد أخرى، إنها تقليد للنقود التي ضربها خلفاء الإسكندر الكبير، سوى شيء واحد، هو أن عملة "أب يثع" قد استبدلت فيها الكتابة اليونانية بكتابة اسم الملك "اب يثع" الذي في أيامه، تم ضرب تلك القطعة بحروف المسند. أما بقية الملامح والوصف، فإنها لم تتغير ولم تتبدل، ولعلها قالب لذلك النقد، حفرت عليه الكتابة بالمسند بدلاً من اليونانية. ويعود تأريخ هذه القطعة إلى القرن الثالث أو القرن الثاني قبل الميلاد.

وقد كانت نقود "الإسكندر الكبير" والنقود التي ضربها خلفاؤه من بعده مطلوبة مرغوبة في كل مكان، حتى في الأمكنة التي لم تكن خاضعة لهم، شأنها في ذلك اليوم شأن الجنيه أو الدولار في هذا اليوم، وتلك النقود لا بد أن تكون قد دخلت بلاد العرب مع اتجار ورجال الحملة الذين أرسلهم لاحتلال بلاد العرب، فتلقفها التجار هناك وتعاملوا بها، وأقبلت عليها الحكومات، ثم أقدمت الحكومات على ضربها في بلادها بعد مدة من وصول النقود أليها. وأسست بذلك أولى دور ضرب النقود في بلاد العرب. ولا بد أن يكون نقد "اب يثع" قد سبق بنقد آخر، سبق هو أيضاً بالنقد اليوناني الذي وصل بلاد العرب، لأن درهم "اب يثع" مضروب ضرباً متقناً، وحروفه واضحة جليّة دقيقة دقة تبعث على الظن بوجود خبرة سابقة ودراية لعمال الضرب، أدت بهم إلى إتقان ضرب أسماء الملوك على تلك النقود.

الحياة الدينية: 


كان في كل مدينة معبد، وأحياناً عدة معابد خصصت باصنام شعب معين. وقد خصص معبد بعبادة صنم واحد، يكرس المعبد له، ويسمى باسمه، وتنذر له النذور، ويشرف على إدارته قَومة ورجال دين يقومون بالشعائر الدينية ويشرفون على إدارة أوقاف المعبد. ويعرف الكاهن والقيم على أمر الصنم عندهم ب "شوع"، وقد وردت اللفظة في جملة نصوص معينة.

وقد تجمعت لدينا من قراءة الكتابات المعينية أسماء جمهرة اصنام معين، وفي مقدمتها اسم. "عثتر" "عثتار"، ويرمز إلى "الزهرة"، ويلقب في الغالب ب "ذ قبضم"، فيقال "عثتر ذ قبضم"، أي "عثتر القابض"، "عثتر ذو قبض"، كما ورد أيضاً "عثتر ذ يهرق" "عفتر ذو يهرق". ويهرق اسم مدينة من مدن معين، فيظهر أنه كان في هذه المدينة معبد كبير خصص بعبادة "عثتر".

ومن اصنام معين "ود" و"نكرح"، وترد أسماء هذه الاصنام الثلاثة في الكتابات المعينية على هذا الرتيب: "عثتر"، "ود" و"نكرح" في الغالب، وترد بعدها في بعض الأحيان جملة: "الالت معن"، أي "اصنام معين" أما "نكرح"، فيظهر إنه يرمز إلى الشمس، وهو يقابل "ذات حمم" "ذات حميم" في الكتابات السبئية.


وقد ورد في عدة كتابات عثر عليها في "براقش" وفي "أبين" وفي "معين" وفي "شراع" في "أرحب" ذكر معبد سر للصنم "عثتر" دعي ب "يهر". كما ورد اسم حصن "يهر" وقد خصص ل "عثتر وقبض". وورد في كتابة أخرى اسم "يهر" على إنه بيت، وربما قصد به بيت عبادة. وورد في كتابة همدانية ذكر "يهر" إنه بيت صنم "تالب" "تألب" صنم همدان. وورد اسم "يهر" على إنه اسم موضع واسم شعب. وذكر "الهمداني" إن "يهر" هو حصن في "معين". ويتبين لي من اقتران "يهر" بي "عثتر"، ومن تخصيص بيت للتعبد به سمي باسمه إن "يهر" جماعة كانت تتعبد لهذا الصنم وتقدسه ولهذا دعي معبده باسمها، كما إنه اسم مدينة نسبت تلك الجماعة إليها.

وأما "ود"، فقد ظلت عبادته معروفة في الجاهلية إلى وقت ظهور الإسلام، وقد ورد اسمه في القرآن الكريم. وقد تحدث عند ابن الكلبي في كتابه "الأصنام". وذكر إن قبيلة "كلب" كانت تعبد له بدومة الجندل. ووصفه فقال: "كان تمثال رجل كأعظم ما يكون من الرجال، قد ذبر عليه حلتان، متزر بحلة، مرتد بأخرى، عليه سيف قد تقلده، وقد تنكَّب قوساً، وبين يديه حربة فيها لواء ووفضة فيها نبل.. ". و "كهلن" "كاهلن" "كهلان"، أي "القدير" "المقتدر". وكتب اسم "ود" بحروف بارزة على جدار في "القرية" "قرية الفأو"، وذلك يدل على عباده هذه الصنم في هذه البقعة.

ويرمز "ود" إلى القمر، بدليل ورود جملة: "ودم شهرن"، "ودم شهران"، أي "ود الشهر" في ب ضر الكتابات. ومعنى كلمة "شهرم" "شهر" "الشهر"، القمر. وضل هذه الاصنام المعينية ثالوثاً يرمز إلى الكواكب الثلاثة: الزهرة، والشمس، والقمر.

ويلاحظ إن الكتابات المعينية الشمالية، آي الكتابات المدونة بلهجة أهل معين التي عثر عليها في أعالي الحجاز، لا تتبع الترتيب الذي تتبعه الكتابات المعينية الجنوبية نفسه في إيراد أسماء الاصنام، كما يلاحظ أيضاً أن للمعينيين الشماليين اصنام محلية لا نجد لها ذكراً عند المعينيين الجنوبيين، ولعلّ ذلك بتأثير الاختلاط بالشعوب الأخرى.

مدن معينيه:


ومن أشهر مدن معين، مدينة "قرنو"، وهي العاصمة، وقد عرفت أيضاً، ب "م ع ن" "معن"، أي "معين"، وب Carna و karana و Karna عند بعض الكتبة "الكلاسيكيين". وتقع على مسافة سبعة كيلومترات ونصف كيلومتر من شرق قرية "الحزْم"، مركز الحكومة الحالي في الجوف. وقد وصف خرائبها "محمد توفيق" في كتابه "آثار معين في جوف اليمن"، فقال: إنها تقع على اكمة من الطين منحدرة الجوانب، تعلو على سطح أرض الجوف بحمسة عشر متراً، وهي مستطيلة الشكل، واستطالتها من الغرب إلى الشرق وطولها 400 متر، وعرضها 250 متراً، ولها بابان أو مدخلان، أو مدخل ومخرج، أحدهما في جانبها الغربي والآخر في الجهة المقابلة من الجانب الشرقي، وليس لها أبواب أخرى. وسورها الذي كان يحيط بها، وقد قدّرَ ارتفاعه بخمسة عشر متراً، وقد وجد في بعض أقسامه فتحات المزاغل التي استعملت للمراقبة ولرمي السهام، كما تعرض لبحث البناء والزخرفة في هذه المدينة، وقد حصل على تسع عشرة كتابة، نقل تسعاً منها بكتابة اليد، ونقل عشراً منها الباقية بالتصوير الفوتوغرافي.

ويقع معبد "رصفم" "رصف" "رصاف" الشهير، الذي طالما تقدم إليه المؤمنون بالهدايا والنذور وتوسلوا إليه لأن يمن عليهم بالعافية والبركة، خارج سور "قرنو". ونشاهد آثار سكن في مواضع متناثرة من المدينة. وقد كانت "قرنو" "القرن" مأهولة حتى القرن الثاني عشر ثم هجرت وتحولت إلى خراب.

وقد أشار الأخباريون إلى معين، وروى بعض منهم إنها من أبنية التبابعة، وأنها حصن، بني بعد بناء "سلحين"، بني مع يراقش في وقت واحد. ومن مدن حكومة معين "يثل"، وهي من المراكز الدينية، وعرفت به "براقش" فيما بعد، وكانت قائمة في أيام "الهمداني"، ووصف الهمداني الآثار والخرائب التي كانت بها. وقد ورد في إحدى الكتابات أن جماعة من كهنة "ود"، قاموا ببناء ثلاثين "أمه" أي ذراعاً من سور "يثل" من الأساس حتى القمة، والظاهر أن هذا العمل الذي قاموا به، هو الجزء الذي كان خصص بهم عمله على حين قام أناس آخرون، وفي ضمنهم مجلس يثل، ببقية السور.

وللأخباريين قصص عن "براقش"، وقد زعم بعض منها إنها و"هيلان" مدبنتان عاديتان، وكانتا للأمم الماضية. وزعم بعض آخر إنها من أبنية التبابعة فهي من الأبنية القديمة إذن في نظر الأخبارين. وقد كان يسكنها "بنو الأدبر ابن يلحارث بن كعب" ومراد في الإسلام.

ولهم سكن سبب تسمية "براقش" ببراقش قصص. فزعم بعض منهم إنها إنما سميت بذلك نسبة إلى كلبة عرفت ببراقش. وزعم بعض آخر إنها امرأة، وهي ابنة ملك قديم، ذهب والدها للغزو، وأودع مقاليد بلاده أليها، فبنت مدينة براقش ومعين، ليخلد اسمها؛ فلما عاد والدها غضب، وأمر بهدمها. وزعم فريق منهم، إنها باسم براقش امرأة لقمان بن عاد. ومصدر القصص مثل مشهور هو: "على أهلها تجني براقش". و" على اهلها براقش تجني "، وقد أشير في الشعر إليه.

و "يثل"، هي مدين شم Athlula، Athrula المذكورة في أخبار حملة "أوليوس غالوس" على اليمن، والتي زعم إنها آخر موضع بلغه الرومان في حملتهم هذه. وزعم القائلون من المستشرقين بهذا الرأي إن لفظة "يثل" لفظة صعبة على لسان الرومان واليونان، ولذلك حرفت فصارت إلى الشكل المذكور.

ومن بقية مدن معين: "نشق"، و"رشن" "ريشان" و"هرم" "هريم" "خربة هرم"، و"كمنه" "كمنهو" "خربة كمنه"، "كمنا"، و"نشن" "نشان" وهي "الخربة السوداء" "خربة السودا" في الوقت الحاضر.

وقد ورد في بعض الكتابات إن "يدع آل بين" مكرب سبأ، كان قد استولى على مدينة "نشق"، غير إننا لا نعرف اسم الملك المعيني الذي سقطت هذه المدينة في أيامه في أيدي السبئيين.

ويوجد موضع عادي خرب، يعرف بي "كعاب اللوذ" وب "خربة نشان" "خربة نيشان"، يحتمل في رأي بعضهم أن يكون مكان "نشان" "نشن". ويعارض بعض الباحثين ذلك، ويرون إنه بعيد بعض البعد عن مكان "نشن" المعيني، ويذهبون إلى إن هذا المكان هو بقايا معبد أو قبور قديمة، وانه يشير إلى وجود مسكن فيه قديم لا نعرف اسمه.
وقد تبين الباحثين في موضع "الخربة السوداء" التي هي موضع "نشن" "نشان" إن تلك المدينة كانت مدينة صناعية، لعثورهم بين أنقاضها على خامات المعادن، وعلى أدوات تستعمل في التعدين وفي تحويل المعادن إلى أدوات للاستعمال.
و "نشن" "نشان"، هي "نستم" NESTUM في كتاب "بلينيوس".

ويظن أن خرائب "مجزر"، هي من بقايا مدينة قديمة، لعلها المدينة التي سماها "بلينيوس" "مكوسم" Magusum، ويظهر من موقعها ومن بقايا آثارها إنها كانت ذات أهمية لعهدها ذاك، وأنها كانت عامرة بالناس لخصب أرضها ووفرة مياها.
وفي الجوف أماكن أخرى، مثل "بيحان" و"سراقة" و"ابنه" و"مقعم" و"بكبك" و"لوق"، وهي خرائب كانت مواضع معمورة في أيام المعينيين ومن جاء بعدهم فأخذ مكانهم.
وقد ذهب "كلاسر" إلى أن موضع "لوق"، هو Labecia الذي ذكره "بلينيوس" في جملة الأماكن التي استولى عليها "أوليوس غالوس"، وذهب "فون وزمن" إلى أنه "لبة" Labbah.
ويرى علماء العربيات الجنوبية أن "نشق" هي Nesca، Nescus في كتب المؤلفين اليونان واللاتين القدماء. وهي Aska، Asca في "جغرافيا سترابون". وقد ذكرها "سترابون" في جملة المدن التي استولى عليها "أوليوس غالوس" إبانّ حمته على اليمن.

المعينيون خارج أرض معين:


وعثر على كتابات معيننة خارج اليمن، ولا سيما في موضع "العلا"، وبينها عدد من كتابات "لحيانية" متأثرة باللهجة المعينية، وقد وردت فيها أسماء معينية معروفة، شائعة بين المعينيين، مثل: "يهر" و"علهان"، و"ثوبت" و"يفعان"، كما وردت قبها أسماء اصنام معين، وذلك يدل على نزول المعينيين في هذا الموضع وفي الأرضين المجاورة أمداً، وتركهم أثراً ثقافياً فيمن اختلطوا بهم أو جاوروهم وفيمن خلفهم من خلق.
وقد جاء هؤلاء المعينيون من معين بالطبع، أي من اليمن، فنزلوا في هذه الأرضين التي تقع البوم في أعالي الحجاز وفي المملكة الأردنية الهاشمية وفي جنوب فلسطين. ومنهم من تاجر مع بلاد الشام والبحر المتوسط ومصر، بدليل عثور المنقبين على كتابات معينية في جزيرة "ديلوس" من جزر اليونان، وفي مصر: في "الجيزة" وفي موضع "قصر البنات". وظهر من كتابة "الجيزة" المؤرخة بالسنة الثانية والعشرين من حكم "بطلميوس بن بطلميوس"، أن جالية معينية كانت في مصر في هذا الزمن، ولعلها من أيام حكم "بطلميوس الثاني" وكان المعينيون يتاجرون في القرن الثالث أو الثاني قبل الميلاد بتجهيز معابد مصر بالبخور. ويرجع بعض الباحثين تأريخ هذه الكتابة إلى السنة "264 - 263 ق.م.".
و موضع "العلا" المذكور، هو موضع "ديدان" "الديدان" "علت" Ulat في التوراة، وقد قصد به فيها شعب عربي من الشعوب العربية الشمالية، يرجع نسبه إلى "كوش" كما جاء في موضع من "التكوين"، وإلى "يقشان" من إبراهيم من "قطورة" Keturah في موضع آخر منه، وقد جعلت "الديدان" متاخمة لأرض أدوم Edom، وتقع في الجنوب الشرقي منها وذكر في التوراة إن الديدانيين كانوا من الشعوب التي ترسل حاصلاتها إلى سوق "صور" Tyre.

ويرى أكثر الباحثين في دولة معين إن هذه المنطقة منطقة "الديدان" وما صاقبها من أرض، كانت جزءاً من تلك الدولة وأرضاً خاضعة لها، وان ملوك معين كانوا يعينون حكاماً عليها باسمهم، وان درجتهم هي درجة "كبر" أي "كبير" على طريقتهم في تقسيم مملكتهم إلى "محافد" أي أقسام، يكون على كل محفد أي قسيم من المملكة "كبير"، يتولى الحكم باسم الملك في المسائل العليا وفي جمع الضرائب التي يبعث بها إلى العاصمة وفي المحافظة على الأمن، وقد عثر على كتابات ذكرت فيها أسماء "كبراء" حكموا باسم ملوك معين.

ومعنى هذا إن دولة معين، كانت تحكم من معين كل ما يقال له الحجاز في عرف هذا اليوم إلى فلسطين، وان هذه الأرضين كانت خاضعة لها إذ ذاك، ولكننا لا نجد في النصوص الآشورية أو العبرانية مثل التوراة ولا في الكتب الكلاسيكية ما يشير إلى ذلك. ولكن القائلين بالرأي الذكور يرون إن حكم سين كان في أوائل عهد معين، أي قبل أكثر من ألف سنة قبل الميلاد فلما ضعف ملوكها تقلص سلطان المعينيين عن الحجاز وبقي نافذاً في المنطقة التي عرفت بر "معن مصرن"، "معن مصران"، أي "معين المصرية"، ثم ضعف سلطان المعينيين الشماليين عن هذه الأرض أيضاً بتغلب السبئيين على معين، ثم بتغلب اللحيانيين في القرن الرابع أو الثالث قبل الميلاد، حيث استقلوا وكوّنوا "مملكة لحيان".

وقد أثارت "معن مصرن" "معين مصران"، جدلاً شديداً بين العلماء، ولا سيما علماء التوراة، فذهب بعضهم إلى أن "مصر" "مصرايم" Mizraim الواردة في التوراة ليست مصر المعروفة التي يرويها نهر النيل، بل أٌريد بها "معين مصران"، وهو موضع تمثله "معان" في الأردن في الزمن الحاضر. وان لفظة "برعو" Per'o التي ترد في التوراة أيضاً لقباً لملوك مصر، والتي تقابلها لفظة "فرعون" في عربيتنا، لا يراد بها فراعنة مصر، بل حكام "معين مصران"، وان عبارة "هاكرهم مصريت" Hagar Ham-Misrith، بمعنى "هاجر المصرية"، لا تعني "هاجر" من مصر المعروفة، بل من مصر العربية، أي من هذه المقاطعة التي نتحدث عنها "معن مصرن" وان القصص الوارد في التوراة عن "مصر" وعن "فرعون"، هو قصص يخص هذه المقاطعة العربية، وملكها العربي.

وقالت هذه الجمهرة: إن ما ورد في النصوص الآشورية من ذكر ل Musri لا يعني أيضاً مصر المعروفة، بل مصر العربية، وأن ما جاء في نص "تغلاتبلسر الثالث" الذي يعود عهده إلى حوالي سنة "734" قبل الميلاد، من أنه عين عربياً Arubu واسمه "ادبئيل" "ادب ال" "ادب ايل" "Idiba'il" حاكماً على "مصري" "Musri"، لا يعني أنه عينه حاكماً على "مصر" الإفريقية المعروفة، بل على هذه المقاطعة العربية التي تقع شمال "نخل مصري" أي "وادي مصري". ويرى "وينكر"، أن "سبعة" "Sib'e" الذي عينه "تغلاتبلسر" سنة "725 ق. م."، على مصري، والذي عينه "سرجون" قائداً على هذه المقاطعة، إنما عين على أرض "مصر" العربية ولم يعين على "مصر" الإفريقية.

وقد ورد في أخبار "سرجون" أن من جملة من دفع الجزية إليه "برعو" Pir'u وقد نعت في نص "سرجون" ب "برعو" شاروت مصري"، أي "برعو ملك أرض مصري". وورد ذكر "برعو" هذا في ثورة "أسدود" التي قامت سنة "711 ق. م.". وورد ذكر "مصري" في أخبار "سنحريب" ملك آشور، وكان ملك "مصري" وملك "ملوخة" قد قامة بمساعدة اليهود ضد "سنحريب"، وذلك في عام "700 ق. م."، وقد انتصر "سنحريب". ويرى "ونكلر" أن كل. ما ورد في النصوص الآشورية عن "مصري" مثل: "شراني مت مصري" "Sharrani Mat Musri"، أي "ملوك أرض مصر" إنما قصد به هذه المقاطعة العربية.

ويشير هذا الرأي مشكلات، خطيرة لقائليه ولعلماء التوراة، فرأي "شرادر" و"ينكلر" وأضرابهما المذكور يتعارض صراحة مع الرأي الشائع عند اليهود وعند التوراة والتلمود والمنشا والكتب اليهودية الأخرى في هذا الموضوع، ويتعارض كذلك مع رأي أهل الأديان الأخرى في الموضوع نفسه، ولم يلق هذا الرأي رواجاً بين الباحثين، وهم يرون أن وجود أرض عربية عند "معان" في الزمن الحاضر، تسمى "مصري" وهي تسمية "مصر" في اللغات السامية، ووجود حاكم عليها اسمه "برعو"، و"برعو" لقب ملوك "مصر"، ويقابل "فرعون" في لغتنا، لا يحتم علينا التفكر في هذه الأرض العربية، ومن الجائز على رأيهم أن يكون الآشوريون قد استولوا على هذه المقاطعة وحكموها ونصبواً حكاماً عليها على حين كانت الحوادث الأخرى قد وقعت في مصر الإفريقية. وبناء على ذلك فليس هناك أي داع للادعاء أن الإسرائيليين لم يكونوا في مصر، وأن فرعون لم يكن فرعون مصر، بل فرعون مصري التي هي "معين المصرية"، وليستبعد أيضاً إن تكون تسمية "مصري" العربية قد أخذت من مصر، فقيل "معين مصرن" لقربها من مصر، ولتمييزها عن "معن" أي "معين" اليمن.

وقد ذهب بعض الباحثين إلى إن "معين مصران" "معين المصرية"، لم تكن جزءاً من حكومة معين، بلى كانت مستوطنة مستقلة من مستوطنات المعينين. وذلك منذ القرن الخامس حتى القرن الأول قبل الميلاد. وان لقب "كبر" الوارد في نصوص هذه المستوطنة لا يعني إن حامله كان موظفاً في حكومة معين بل هو مجرد لقب حمله صاحب هذه المقاطعة باعتبار إنه كبير قومه وسيدهم والحاكم عليهم. وقد بقيت هذه المستوطنة مستقلة إلى القرن الأول قبل الميلاد، وحينئذ زال استقلالها بزوال حكومة المعينين الجنوبيين.

وتعدّ الكتابات المعينية التي عثر عليها في جزيرة "ديلوس" Delos=Delus ذات أمية كبيرة كذلك، في بحثنا هذا، فأنها ترينا وصول المكلين بين الجزر اليونانية وإقامتهم فيها، واتجارهم مع اليونان. ومن جملة هذه النصوص، نص مكتوب بالمعينية وبالخط المسند وباليونانية وبالحروف اليونانية، ورد فيه: "هنا" أي "هانئ" و"زيد ايل من ذي خذب نصب مذبح ود واصنام معين بدلث" أي: ب "ديلوس". وورد في اليونانية: "يا ود صنم معين يا ود". وفي هذا النص دلالة على وجود جالية معينية في هذه الجزيرة وسكناها فيها، وعلى تعلقها بدينها وباصنامها وعدم تركها لها حتى في هذه الأرض البعيدة عن وطنها. ومن يدري? فلعلها كانت تتصل ببلادها، وتتاجر وتتراسل معها، تصدر إليها حاصلات اليونان، وتستورد منها حاصلات اليمن والعربية الجنوبية وإفريقية والهند وتعمل مع اليونان شِركَةً أو تعاوناً في أسواق التجارة العالمية ذلك العهد.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مملكة أوسان

تاريخ السودان وحضارتها وأصل التسمية والثوارات التي اقيمت فيها حتى إستقلالها وانفصالها

تاريخ اليمن القديم