أقدم عاصمة في التاريخ

دمشق أقدم عاصمة في التاريخ

تعدّ عاصمة سوريا العربية دمشق ، هي أقدم عاصمة في التاريخ، وهي أقدم عاصمة مأهولة في العالم، ويعود نشوء مدينة دمشق إلى تسعة آلاف سنة قبل المسيح، ومسمى مدينة دمشق أنها ذات أصول كلدانية قديمة تعني الأرض الزاهرة أو الأرض المسقية ، واشتهرت دمشق عبر مر التاريخ بغوطتها المروية بمياه نهر البردى، نتيجة الموقع الإستراتيجي لها، وتبلغ مساحة المدينة 105 كم2.

دمشق
صورة لمدينة دمشق

غالبية سكان دمشق التقليدية هم من عرب سوريا على صعيد العرق، ومن المسلمين السنة على صعيد الدين. عبر التاريخ، سكنت دمشق جماعات صغيرة العدد، من أصول أوروبية - بلقانية بشكل أساسي - وعربية، بدواع مختلفة، انسجم أغلبها بمرور الوقت مع نسيج المدينة ، تحوي دمشق أيضًا أعدادا كبيرة من المواطنين المنحدرين من سائر المدن والمحافظات السورية، كمقيمين دائمين فيها. بوصفها العاصمة، فإن دمشق مقر جميع الوزرات والمقرات الهامة في الدولة السورية، بما فيها البرلمان، والمحكمة الدستورية العليا.

ومنذ العصور القديمة، اشتهرت دمشق بوصفها مدينة تجارية، تقصدها القوافل للراحة أو التبضع، كانت المدينة إحدى محطات طريق الحرير، وطريق البحر، وموكب الحج الشامي، والقوافل المتجهة إلى فارس أو آسيا الصغرى أو مصر أو الجزيرة العربية، هذا الدور الاقتصادي البارز لعب دورا في إغناء المدينة وتحويلها إلى مقصد ثقافي وسياسي أيضا، فالمدينة كانت خلال تاريخها مركزًا لعدد من الدول أهمها الدولة الأموية " أكبر دولة إسلامية من حيث المساحة في التاريخ" ، وفيها أقامت ودفنت شخصيات بارزة في تاريخ الشرق مثل صلاح الدين الأيوبي والظاهر بيبرس. أما حاليا، فيقوم اقتصاد دمشق على التجارة، والصناعة المنتشرة في الضواحي، والسياحة، وقد اعتبرت دمشق عام 2010 واحدة من أفضل المقاصد السياحية في العالم.

تُعرف أيضا بأسماء عديدة منها الشام ومدينة الياسمين، وقد احتلت مكانة إقليمية بارزة على صعيد الفنون، والآداب، والسياسة، وحظيت باهتمام الأدباء والشعراء والرحالة ونظم في وصفها العديد من النصوص الشعريّة والأدبيّة.

آثار دمشق:-

عثر على وثائق في مدينة دمشق نتيجة عمليات البحث والتنقيب بآثار إلى ما قبل العصر البرونزي، وآثار الإنسان القديم من فؤوس ومقاحف حجرية وغيرها من الأدوات الحجرية التي كان يستعملها الإنسان الحجري، ثم عثر على قرى ومستوطنات بدائية في منطقة تل الأسود، وكذلك أقدم مخازن للحبوب في العالم وبعض حبيبات من الشعير والقمح المتفحم، أما عن نمط الحياة حينها فقد بنى السكان الأوائل أكواخًا بيضوية صغيرة الحجم استخدموا في بنائها الطين واللبن والقصب وهي من المواد التي كانت متوفرة بكثرة في المستنقعات والبحيرات التي كانت تسوّر المدينة، وجفّت مع تتالي الحُقب.

وقد شهدت مدينة دمشق في هذا العصر تطور الحياة بدءاً من استخدام الحجر في بنائها وبناء الشوارع بالحجارة، التي عثر عليها في تل الغريقة. ودلّ على وجود نوع من الفن والحياة الاجتماعية متكاملة في مستوطنة تل الغريقة وعثر في موقع تل الغريقة على أقبية ومخازن ومواقد للشيْ، وطور السكان نظام سقاية بسيط، كما عثر أيضًا على عدد وافر من عظام الماعز والغنم وغيرها من الحيوانات المدجنة، ورغم عدم تمكن المنقبين من وضع تصور دقيق حول الفن والحياة الاجتماعية والدين في دمشق خلال تلك الفترة، إلا أنّ المُكتشفَات تدلّ على وجود نوع من الفن وحياة اجتماعية متكاملة في كلا الموقعين.

مستوطنة تل الغريقة دمرت في الألف الخامس قبل الميلاد، غير أنه خلال الفترة نفسها بنيت مستوطنة ثالثة شمال الغوطة، ويشير الباحثون إلى أن عددًا من السكان عاد إلى التنقل بدلاً من الاستقرار بدليل آثار المنازل الضعيفة الصنع، والتي تشير إلى تنقل مستمر بين المناطق، وإلى وفرة عظام الحيوانات، ما يدلّ على امتهان الرعي.

 ولعلّ تطور الحركة العمرانية في المدينة يبدأ من الألف الثاني قبل الميلاد.

و كانت دمشق جزءا من مقاطعة آمورو القديمة في عهد مملكة الهكسوس، ما بين 1720-1570 قبل الميلاد، وتذكر بعض السجلات المصرية القديمة من رسائل تل العمارنة حوالي 1350 قبل الميلاد، أنها كانت تسمى في ذلك العهد ديماسكو، وأنها تحت سيطرة ملك مصر القديمة بيرياوازا.

وحوالي عام 1260 قبل الميلاد، أصبحت دمشق فضلا عن بقية البلاد، ساحة معركة بين الحيثيين من الشمال والمصريين من الجنوب، وانتهت المعركة بتوقيع معاهدة بين هاتوسيلي الثالث ورمسيس الثاني، والتي سلمت مقاليد السيطرة على منطقة دمشق لرمسيس الثاني عام 1259 قبل الميلاد.

تاريخ دمشق

- عصر الآراميون:

تحولت دمشق إلى دمشق الآرامية، بحوالي القرن 12 قبل الميلاد، حيث كون الآراميون ممالك متحالفة؛ ساهم في اكساب دمشق أقدم أشكالها التي سميت ديماشقو، أنشأ الآراميون نظام توزيع للمياه، وبنوا الترع وقنوات الري على أطراف نهر بردى، وهو ما ساهم بازدهار الزراعة وزيادة عدد السكان، خصوصاً من ناحية وفود قبائل آرام زوبة من سهل البقاع المجاور لدمشق، واستقرارهم في المدينة، وهو ما جعل دمشق تابعة لمركزهم في البقاع، حتى القرن العاشر قبل الميلاد، حين تمكّن إيزرون عام 965 قبل الميلاد من الإطاحة بـآرام زوبة مؤسس الكيان المستقل المعروف بآرام دمشق، التي بزرت كالقوة المتفوقة في جنوب سوريا الآرامية، وسعت للتوسع واحتكار طرق التجارة مع الشرق، وحاربت مملكة إسرائيل، لاسيما في عهد بن حدد الأول (880-841 قبل الميلاد)، وفي عهد خلفه حزائيل غدت باشان المعروفة اليوم باسم حوران إلى مملكته، إلا أن بن حدد الثاني فشل في حصار السامرة ووقع في الأسر، ما اضطره إلى فتح المجال التجاري لليهود في دمشق، بكل الأحوال فإن التهديد الذي شكلته الإمبراطورية الآشورية كان أحد أهم أسباب عقد معاهدة السلام بين آرام دمشق ومملكة إسرائيل، لمواجهة الخطر المشترك على كليهما.

في عام 853 قبل الميلاد، قام الملك هدادايزر من دمشق بقيادة تحالف سوريا الآرامية، وقد شمل هذا التحالف قوات من شمال مملكة حماة، والقوات التي وفرها أحاب ملك إسرائيل، واحتدم القتال في معركة قرقر ضد الجيش الآشوري، والذي انتهى بانتصار التحالف الآرامي، قتل هدادايزر على يد خليفته حزائيل الثاني، وإنهار التحالف المعقود مع مملكة إسرائيل، فحاولت آرام دمشق غزوا مملكة إسرائيل مجددًا لكن الغزو الآشوري الثاني أفضى لإلغاء الخطة، وأمر حزائيل الثاني بالتراجع إلى الجزء المحصن من دمشق، في حين نهب الآشوريون ما تبقى من المملكة، إلا أنهم فشلوا من دخول مدينة دمشق ذاتها، معلنين سيادتهم على حوران والبقاع.

وبحلول القرن الثامن قبل الميلاد، تمكنت الإمبراطورية الآشورية من الاستيلاء على جميع الممالك الآرامية في سوريا بما فيها دمشق، وبالرغم من الاضطرابات السياسية والثورات التي شهدتها هذه الفترة، إلا أن مدينة دمشق اشتهرت كمركز تجاري وثقافي في سوريا الآرامية، كما ازدهرت كموقع للقوافل التجارية نحو الشرق والجنوب، ولم تضمحل اللغة أو الثقافة الآرامية بل انتشرت نحو الأجزاء الشرقية من هلال الخصيب،  وبحلول سنة 605 قبل الميلاد اضمحلت السيطرة الآشورية بعد سقوط نينوى بيد الميديين والبابليين، الذين ورثوا حكم سوريا، التي أضحت أو بعض أجزائها على الأقل ومنها دمشق ضمن نطاق سيطرة الفرعون نخاو الثاني، لفترة وجيزة، إلا أن الإمبراطورية البابلية الثانية تمكنت من استعادتها بعد فترة قصيرة. وأصبحت المدينة لاحقا بعد صعود الأخمينيين جزأ من إمبراطوريتهم.

- سوريا الأنتيكية:

لحوالي الألف عام وبدءًا من 331 قبل الميلاد، كانت دمشق جزءًا من سوريا الأنتيكية، أساسًا عبر حكمي الدولة السلوقية ثم ولاية سوريا الرومانية، وخلال بعض الفترات كانت دمشق جزءًا من ممالك الحكم الذاتي السورية، كدولة الأنباط في القرن الأول، ومملكة تدمر في القرن الثالث، ويذكر أن سكان دمشق استنجدوا بالملك النبطي الحارث الثالث عام 84 لحمايتهم من قطاع الطرق، وبذلك بلغت الدولة النبطية أقصى اتساعها.

ومنحت في عهد الإمبراطور هادريان وضع  متروبول أي مدينة كبرى، وإن لم تكن مركزًا لولاية حتى عام 400 حين قسّم البيزنطيون البلاد إلى أربعة ولايات، والتي كانت دمشق بموجبها عاصمة ولاية فينيقيا الثانية.

ولعلّ أكبر كارثة حلّت بالمدينة، الاجتياح الفارسي عام 614 بقيادة كسرى الثاني، والذي انتهى عام 629 حين تمكن هرقل من طرد الفرس في سوريا.

وقد مكثت دمشق سريانية اللغة والثقافة في العصور الأنتيكية، رغم انتشار اليونانية فيها لاسيّما في الطبقات العليا، ولم تحلّ لغة الإنثقاف مكان اللغة الأصلية كما حصل في مناطق عديدة لاسيّما في الساحل، وبرزت من دمشق شخصيات سورية يونانية الثقافة على مستوى الإمبراطورية مثل أبولودور، وشهدت دمشق في مرحلة سوريا الأنتيكية، ازدهارًا عمرانيًا، وتخطيطًا  وتوسعا على نمط هيبوداموس ، واحتوت كعواصم العالم الإغريقي، مسارح، وساحات لسباق الخيل، وحمامات، وأقواس نصر، ومدافن فخمة، ويعود لتلك الحقبة من تاريخ دمشق، نمو سورها، وأبوابها، ويضيف بعض المؤرخين قلعتها.

وخلال مرحلة ما قبل الميلاد، انتشرت عبادة الإله الآرامي "حدد" - وهو المقابل لجوبتير الروماني، وزيوس اليوناني، ضمن سياسة توفيق الآلهة - في المدينة، ووصف بكونه سيّد دمشق، وشيّد على اسمه معبد جوبتير ،  ووجدت في دمشق جماعات ضخمة من يهود سوريا من مرحلة قبل الميلاد، وانتشرت فيها المسيحية منذ قرنها الأول، وحسب سفر أعمال الرسل، فإن القديس بولس تحوّل إلى المسيحية قرب دمشق، ومنها انطلق في النشاط التبشيري، بعد أن تمّت تدليته في سلة من إحدى نوافذ السور، إذ أراد الحاكم إلقاء القبض عليه وقتله.

- عصر الخلافة الراشدة والأموية:

في سبتمبر 635م، فتح خالد بن الوليد مدينة دمشق بعد ستة أشهر من الحصار، ومنح في إثرها الأمان لسكانها حسب صكّ التسليم المبرم بينه وبين الملك سرجون بن منصور، وهو الصك الذي استسلمت بموجبه سائر المدن السورية، وفي العام التالي 636 وقعت معركة اليرموك الحاسمة في تاريخ فتوح الشام، ليستقر فيها الحكم الملوكي.

وبذلك انتقلت عاصمة البلاد من أنطاكية إليها؛ وبعد أربع سنوات من الفتح عين معاوية بن أبي سفيان واليا على دمشق، خلفا لأخيه يزيد بن أبي سفيان، وخلال فتنة مقتل عثمان أعلن معاوية التمرد على الخليفة علي بن أبي طالب، واستقل بحكم الشام، وبسط نفوذه في مصر عبر عامله عمرو بن العاص، وبعد خمسة سنوات من القتال، انتهت الحرب في عام الجماعة بإعلان الدولة الأموية وعاصمتها دمشق، وبذلك يكون معاوية قد حكم دمشق أربعين عاماً عشرون منها كوالي، وعشرون أخرى كخليفة.

وفي أيام ولاية الوليد و هشام أبناء عبدالملك بن مروان عاشت دمشق أزهى أيامها، فمع توسع الدولة وتدفق أموال الجباية على عاصمتها، تكاثرت في دمشق القصور والحمامات وغيرها من المباني والمحال العامة.

ومجمل ما يمكن استنتاجه من خلال مصادر المؤرّخين، أن مدينة دمشق في العهد الأموي كانت تحفل بحلّة جميلة بعد أن نعمت بالمركز الممتاز، والخير العميم، والازدهار الاقتصادي، ويحدث المؤرخون عن أحواض المياه والنوافير والسّقايات التي كانت منبثة على أطراف الشوارع، وعلى أبواب المباني العامة، وفي الأسواق والساحات، وعند أبواب المدينة، ولقد عدّد ابن عساكر عشرين منها كانت باقية إلى عهده، يرجع أكثرها إلى عصر بني أميّة؛ ودار الإمارة التي شيدها خالد بن الوليد، وبنى الوليد الجامع الأموي وأسرف في تزينه بالفسيفساء، وكذلك الحال في حلب، وكان الجامع الأموي مسجد دمشق الوحيد داخل الأسوار إلى جانب مصليين صغيرين خارجها، ولم يبني الأمويون سواهم.

وبنتيجة هذا الازدهار استقرت حولها على ضفاف نهر بردى عدد من القبائل، وشقّ "نهر يزيد" من نهر بردى لتأمين الري لمساحة أكبر من الأراضي، كما اهتم الوليد أيضاً بالطرقات وربط المدن بعضها ببعض سيما بين دمشق والبادية، حيث شيّد الأمويون ما يزيد عن عشرين قصراً للتنزه وممارسة الرياضات المختلفة، وشهدت المدينة بالتزامن مع ذلك نهضة ثقافيّة كبيرة.

 وبعد وفاة هشام أصيبت الدولة بالصدع، وتعاقب عليها ضعاف الخلفاء، واندلعت فيها فتن دامية بين العرب من القيسية واليمنية، وخلع البيت الأموي نفسه خليفتين، ونقل مروان بن محمد آخر الأمويين، عاصمته إلى حران، ولم يتوقف تداعي صرح الدولة في عهده، وبختام العصر الأمويّ، زال عهد دمشق الذهبي.

- الخلافة العباسية:-

تابعت قوات الثورة العباسية تقدمها في أملاك الدولة بعد انتصارها على الأمويين في معركة الزاب عام 749م، حتى فرضت حصارًا على دمشق دام شهرًا ونصف الشهر، ثم تمكّن المحاصِرون من نقب السور عند باب الصغير، وفتحت المدينة للعباسيين، الذين ارتكبوا فيها قسطًا وافرًا من عمليات القتل، والنهب، والتدمير، وقد أهملت المدينة في العصر العباسي الاول، ولم تول أية أهمية، وشهدت عدة ثورات ضد الولاة العباسيين، منها ثورة عثمان الأزدي عام 753، وثورة 850 ضد المتوكل على الله لما مارسه واليها من "استذلال" لأهلها، ثم عام 868 بقيادة عيسى بن الشيخ الذي أعلنها دولة مستقلة استمرت حتى عام 896، حيث كلف المعتمد على الله أماجور التركي بالقضاء على دولة عيسى بن الشيخ، وهو ما تمّ له فعلاً، كذلك فقد اندلعت فتن وحروب أهلية بين القيسية واليمانية داخل المدينة بين 792 - 796، ثم أيضاً في عام 802 ، ويذكر أنّ المتوكل على الله أراد نقل حاضرة الخلافة من سامراء إلى دمشق، وكتب لواليه فيها بذلك، غير أنه لم يمكث فيها سوى شهرين وعاد إلى سامراء تحت ضغط رجال دولته الأتراك. ولم يترك العباسيون أثرًا معماريًا هامًا في المدينة باستثناء ما ذهب إليه عدد من المؤرخين بأن قبة الخزنة في الجامع الأموي إنما بنيت في خلافة محمد المهدي عام 774.

خلال القرن العاشر الذي تميّز بضعف الدولة في بغداد، وانتشار الدويلات المستقلة في أرباضها، تتالى على حكم دمشق الطولونيون حتى عام 906،  ثم الإخشيديون، وتعرضت المدينة في عهدهم لغارات شنها القرامطة والبيزنطيون؛ وتلا الإخشيد الحمدانيون عام 968، ثم استعادها الإخشيد مجدداً، وكانت جزءًا من أملاك خلفائهم الفاطميين حتى 947، حين استنجد أهل دمشق بالقائد التركي أفتكين الذي وصل حمص، فزحف منها إلى دمشق للسيطرة عليها، وقد وقعت اثنتي عشرة معركة بين أفتكين والقائد الفاطمي جوهر، كان آخرها معركة الشاغور، التي خرجت بنتيجتها الشام عن حكم الفاطميين.

إلا أنهم عادوا بعد فترة قصيرة، وساءت أيام الفاطميين أحوال المعيشة وهجرها السكان بنتيجة الغلاء، فانخفض عدد قاطنيها بشكل كبير، وقامت ثورات أحداث عامي 982 و999.
واستمر حكم الفاطميين حتى 1075 حين سيطر عليها السلاجقة، بقيادة تتش بن ألب أرسلان ثم ابنه دقاق، وركز السلاجقة على الناحية الدينية في دمشق خصوصا إثر انتشار المذهب الشيعي في أعقاب سيطرة الفاطميين على المدينة، فأنشؤوا عدداً من المدارس الدينية مجانا، كما اعتنوا ببناء البيمارستانات،وقد تحولت دمشق إلى دولة سلجوقية مستقلة بعد انفراط عقد الدولة السلجوقية الموحدة إلى مجموعة من الدول المسيطرة على المدن الكبرى في الشام.

- عهد السلطنة المملوكية:-

اعتبر المماليك الذين حكموا البلاد بدءًا من 1250 دمشق ثاني مدنهم بعد القاهرة لموقعها الحربي وغنى أراضيها، واعتبروها مركزاً لنيابة بلاد الشام.

وتتالت على دمشق في القرن الثالث عشر غزوات المغول المتلاحقة، وأشدها "غزوة غازان" التي وقعت في عام 1300، وقد بلغ عدد قتلى سكان المدينة ما يقارب حوالي مائة ألف شخص حسب ما تم نقله  عن قدماء المؤرخين، إلى جانب إحراق مكتباتها وأسواقها، غير أنهم فشلوا في اقتحام قلعتها لمناعة موقعها وحصانة سورها المزدوج، فخرجوا من المدينة وأعيدت الخطبة لسلطان مصر.

وفي عام 1402، قام المغول بحملة ثانية على دمشق بقيادة تيمورلنك، وقد أحرقت المدينة بما فيها الجامع الأموي، وسُبي منها بنتيجة الحملة عدد وافر من الصنّاع والحرفيين والعلماء إلى سمرقند، فساهموا بنهضتها الثقافية.

-عهد الخلافة العثمانية:- 

أوليت دمشق أهمية خاصة خلال زمن الدولة العثمانية ولقبت "بالشام الشريف"؛ وبعد معركة مرج دابق، دخل السلطان سليم الأول دمشق يوم 26 سبتمبر 1516، وكان أول أعماله ترميم الجامع الأموي؛ وقضى السلطان سليم في دمشق فترتين الأولى عام 1516، والثانية بعد عودته من مصر عام 1517، حيث أنفق معظمها في تنظيم الشؤون الإدارية للولاية.

وبين العصرين المملوكي والعثماني استمرت الكتابة في مصنفات تربية الأطفال وتأديبهم.

وشيدا العثمانيون  التكية السليمانية، ورمموا حي الصالحية، الذين لا يزالا ماثلين إلى اليوم، كأحد منجزات العثمانيين المعمارية المبكرة في سوريا، ولم يكن استقرار الولاة من شيم العهد العثماني، وهكذا تعاقب على دمشق في 148 سنة الأولى من حكم العثمانيين فيها ما لا يقلّ عن 138 واليًا ولم يدم منهم في وظيفته مدة سنتين إلا ثلاثة وثلاثون واليا؛ وبين عامي 1815 و1895 توالى 61 والي بمعدل والي في كل سنة ونصف، وكان الولاة دائمي النزاع مع الولايات المجاورة.

وفي عام 1724 أسندت ولاية دمشق إلى إسماعيل باشا العظم وهو "خير وال عرفته المدينة في العصر العثماني" ، وله يعود تشيييد قصر العظم الذي اعتبره فيليب حتي "أروع أثر عربي في القرن الثامن عشر".

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مملكة أوسان

تاريخ السودان وحضارتها وأصل التسمية والثوارات التي اقيمت فيها حتى إستقلالها وانفصالها

تاريخ اليمن القديم